للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حذف التنوين إنما هو في الصفة لكثرتها، ولأن الصفة والموصوف كشيء واحد وإذا قلت: (زيد ابن عمرو) فجعلت " زيدا " مبتدأ وجعلت " ابن عمرو " خبرا فلا خلاف بين النحويين أن الاختيار التنوين؛ لأن الخبر منفصل من المبتدأ ولم يكثر الكلام به، وإنما يكون خبرا إذا خاطبت (به) من لا يدري، أزيد ابن عمرو أم ابن غيره فأردت إعلامه نسب زيد من أبيه وهو لا يعرفه.

وأما قوله عز وجل: وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ (١) فقد اختلف القراء في تنوين " عزير " وترك تنوينه، فأما من نون فالحجة له أن هذا خبر وليس بنعت لأن (عزيرا) مبتدأ وابن خبره.

وأما من ترك التنوين فله ثلاثة أوجه، الأول منها أنه جعله صفة وأضمر الخبر أو المبتدأ فيكون تقديره: (هذا عزير ابن الله) أو " (عزير بن الله معبودنا) أو (عزير بن الله مرشدنا) ونحو هذا من التقدير.

والوجه الثاني أن يكون حذف التنوين لاجتماع الساكنين كما ذكرنا في الأبيات آنفا.

والوجه الثالث وهو أجودها أن يكون " عزير " اسما عجميّا منع الصرف لعجمته.

وتقول: (هذا زيد بنيّ عمرو) ولا خلاف بينهم، وأبو عمرو أيضا يقوله؛ لأنه لم تكثر إضافته بالتصغير كما كثر هند بنت عبد الله في قول أبي عمرو.

[هذا باب النون الثقيلة والخفيفة]

اعلم أن كل شيء دخلته الخفيفة فقد تدخله الثقيلة، وزعم الخليل إنها توكيد ك (ما) التي تكون فضلا فإذا جئت بالخفيفة فأنت مؤكد، وإذا جئت بالثقيلة فأنت أشد توكيدا.

قال أبو سعيد: اعلم أن النون الخفيفة لا تدخل إلا على الفعل المستقبل والفعل المستقبل فيها على ثلاثة أقسام.

قسم يلزم دخول النون فيه، وقسم يجوز دخولها فيه، وخروجها عنه وقسم لا تدخل فيه إلا ضرورة.

فأما القسم الذي تلزم النون فيه فهو أن يكون الفعل في أوله اللام جوابا للقسم


(١) سورة التوبة، آية: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>