للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذكر بالمؤنث وذلك انك إذا قلت: (عندي ستة رجال ونساء) فقد عقدت (أن عندك ستة رجال فليس لك أن تجعل) بعضهم مذكرا وبعضهم مؤنثا وقد عقدت إنهم مذكرون.

وإذا قلت: (عندي ثلاث بنات عرس وأربع بنات آوى) كان الاختيار أن تدخل الهاء في العدد فتقول: (عندي ثلاثة بنات عرس) و (أربعة بنات آوى).

(وإنما كان) الاختيار أن تدخل الهاء في العدد، لان الواحد (ابن عرس) و (ابن آوى).

وقال الفراء: " كان بعض من مضى من أهل النحو يقول: " ثلاث بنات عرس "، و " ثلاث بنات آوى " وما أشبه ذلك مما يجمع بالتاء من الذكران ويقولون: لا يجتمع (مع التاء) (ثلاثة)، ولكنا نقول: (ثلاث بنات عرس ذكور)، و (ثلاث بنات آوى) وما أشبه ذلك. " ولم يصنعوا شيئا، لأن العرب تقول: (لي حمامات ثلاثة) و (الطلحات الثلاثة عندنا)، يريدون رجالا أسماؤهم الطلحات.

[هذا باب ما لا يحسن أن تضيف إليه الأسماء التي تبين بها العدد إذا جاوزت الاثنين إلى العشرة]

وذلك الوصف تقول: (هؤلاء ثلاثة قرشيون) و (ثلاثة مسلمون)، و (ثلاثة صالحون) فهذا وجه الكلام كراهية أن تجعل الصفة كالاسم إلا أن يضطر شاعر، وهذا يدلك على أن " النسابات " إذا قلت: " ثلاثة نسابات " إنما يجئ كأنه وصف لمذكر، لأنه ليس موضعا يحسن فيه الصفة، كما يحسن الاسم، فلما لم يقع إلا وصفا صار المتكلم كأنه قد لفظ بمذكرين ثم وصفهم بها. قال الله عز وجل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها (١).

قال أبو سعيد: قد تقدم من الكلام أن العدد حقه أن يبين بالأنواع لا بالصفات، فلذلك لم يحسن أن تقول (ثلاثة قرشيين)؛ لأنهم ليسوا بنوع وإنما ينبغي أن تقول: (ثلاثة رجال قرشيين) وليس إقامة الصفة مقام الموصوف بالمستحسنة في كل موضع، وربما جرت الصفة في كلامهم مجرى الموصوف فيستغنى بها لكثرتها عن الموصوف كقولك:

(مررت بمثلك)، ولذلك قال عز وجل: (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) أي عشر حسنات أمثالها.

[هذا باب تكسير الواحد للجمع]

أما ما كان من الأسماء على ثلاثة أحرف. وكان (فعلا) فإنك إذا ثلثته إلى أن تعشره


(١) سورة الأنعام، الآية: ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>