للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وباقي الباب مفهوم.

[هذا باب ما جاء شاذا مما خففوه على ألسنتهم وليس بمطرد]

فمن ذلك ست، وإنما أصلها سدس ودعاهم إلى ذلك كثرة استعمالهم إياه في كلامهم، ولأن السين مضاعفة وليس بينهما حاجز قوي، والحاجز أيضا مخرجه أقرب المخارج إلى مخرج السين فكرهوا إدغام الدال فيزداد الحرف سينا فتلتقي السينات ولم تكن السين تدغم في الدال لما ذكرت لك فأبدلوا من السين أشبه الحروف بها من

موضع لئلا يصيروا إلى أثقل مما فروا منه إذا أدغموا وذلك الحرف التاء كأنه قال: سدت ثم أدغموا الدال في التاء، ولم يبدلوا الصاد لأنه ليس بينهما إلا الإطباق.

قال أبو سعيد- رحمه الله-: كلام سيبويه بين وأنا أرتب إدغامه، وأقرب إن شاء الله فأول ذلك إن ستا شاذ وأصله سد بهن والدليل على شذوذه أنه لو كان يلزم فيه الإدغام لوقوع الدال الساكنة بين السينين لكان يلزم في سدس الشيء ست وفي سدس الإظماء ست وذلك ما لا يقوله أحد وإنما أدغموا ستا وستة على الشذوذ في الإدغام وأصلها سدس وسدسة لأنهما اسمان للعدد ودورهما في الكلام كثير؛ فاستثقلوا السينين المتطرفتين في موضع فاء الفعل، ولامه وبينهما دال والدال قريبة المخرج من السين فتصير كأنها ثلاث سينات، وقد تقدم في إدغام الحروف أن الدال تدغم في السين والسين لا تدغم في الدال فلو أدغموا على ما يوجب حكم الإدغام لوجب أن يقال: سس فيجتمع ثلاث سينات؛ فكرهوا ذاك إذ هم قدبوا من سينين بينهما دال وكرهوا أن يقلبوا السين دالا فيدغموا الدال في الدال كما يعمل في الإدغام من قلب الثاني إلى جنس الأول فيقولوا:

سد فيصير كأنهم أدغموا السين في الدال فقلبوا السين إلى أشبه الحروف بها من مخرج الدال وهو التاء؛ لأن التاء والسين مهموستان فصار سدت ثم أدغموا الدال في التاء؛ لأنهما من مخرج واحد، وقد سبقت الدال التاء وهي ساكنة فثقل إظهارها، ولم يقلبوا من السين صادا لأنه ليس بينهما إلا الإطباق، وكذلك لم يقلبوا من السين زايا؛ لأن ليس بينهما إلا أن الزاي مجهورة والسين مهموسة فلو قلبوا السين صادا وزايا كانتا كالسين.

وقد استثقل ذلك واجتنب قال: ومثل مجيئهم بالتاء قولهم: يبجل كسروا ليقلبوا الواو، وقولهم: أدل لأنهم لو لم يكسروا لم يصيرا ياءين كما أنهم لو لم يجيئوا بالتاء ما كان إدغام.

قال أبو سعيد- رحمه الله-: الأصل في يبجل يوجل فاستثقلوا فكسروا الياء ليكون

<<  <  ج: ص:  >  >>