للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى: أتغضب؟ يعني تغضب قيس من قتل قتيبة بن مسلم ولم تغضب لقتل عبد الله بن خازم السلمي وهما جميعا من " قيس " وقاتلاهما من بني تميم. وإنما يريد الفرزدق بهذا اعلو " بني تميم " على " قيس " والوضع من " قيس " على العجز عن الانتصار وطلب الثأر.

[وباقي الباب مفهوم هذا باب ما تكون فيه «أن» بمنزلة «أي»]

وذلك قوله تعالى عز وجل: وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا (١) زعم الخليل أن " أن " بمنزلة " أي " لأنك إذا قلت: انطلق بنو فلان: أن امشوا فأنت لا تريد أن تخبر أنهم انطلقوا بالمشي ومثل ذلك: ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ (٢). وهذا تفسير الخليل ومثل هذا في القرآن كثير.

وأما كتبت إليه أن أفعل. وأمرته أن قم. فيكون على وجهين.

على أن تكون (أن) التي تنصب الأفعال. ووصلتها بحرف الأمر والنهي كما وصلت " الذي " يقول وأشباهها إذا خاطبت.

والدليل على أنها تكون " أن " التي تنصب أنك تدخل الباء فتقول: أوعز إليه بأن أفعل فلو كانت " أي " لم تدخلها الباء. كما تدخل في الأسماء.

والوجه الآخر: أن تكون بمنزلة " أي " كما كانت بمنزلة أي في الأول. وأما قوله عز وجل: وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٣). " وآخر قولهم أن لا إله إلا الله " فعلى قوله: أنه الحمد لله. وعلى أنه لا إله إلا الله لا تكون. (أن) التي تنصب الفعل لأن تلك لا يبتدأ بعدها الأسماء ولا تكون " أي " لأنها إنما تجيء بعد كلام يستغنى. ولا يكون موضع المبني على المبتدأ ومثل ذلك: وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا (٤) كأنه قال: ناديناه أنك قد صدقت الرؤيا يا إبراهيم.


(١) سورة ص، الآية: ٦.
(٢) سورة المائدة، الآية: ١١٧.
(٣) سورة يونس، الآية: ١٠.
(٤) سورة الصافات، الآيتان: ١٠٤، ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>