للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجه الحاني كما قال علقمة بن عبدة:

كأس عزيز من الأعناب عتّقها ... لبعض أربابها حانيّة حوم (١)

وذكر بعض أصحابنا أن الموضع الذي يباع فيه الخمر يقال له حانية مثل ناحية، وأنه نسب إليه على مثل التسمية إلى يرمي يرموي، والمعروف في اسم الموضع الذي تباع فيه الخمر أن يقال له حانة. قال الأخطل:

وخمرة من جبال الروم جاء بها ... ذو حانة تاجر أعظم به حانا (٢)

فجعل الموضع حانة والخمار حانا. ولعل الذي قال الحانوي جعل البقعة حانية؛ لأنها تعطف على الشّراب باللطف واللذة، كما يقال امرأة حانية على ولدها، وصيرها كالأم الحانية على ولدها لاجتماعهم فيها على لذاتهم. وقال الخليل: " الذين قالوا في تغلب تغلبيّ غيّروا كما قالوا سهلي وبصري، ولو كان ذا لازما لقالوا في يشكر يشكري وفى جلهم جلهميّ، وقال أبو العباس المبرد: هذا لا يلزم؛ لأن الضمة لا تشبه الكسرة. وقد مضى الكلام في نحو هذا فاعرفه إن شاء الله تعالى.

[هذا باب الإضافة إلى كل شيء كان من بنات الياء أو الواو]

قال أبو سعيد: اعلم أن كل ما كان على ثلاثة أحرف وثالثه ألفا مما أوله مفتوح أو مضموم أو مكسور فالنسبة إليه تقلب الألف واوا، وإن كانت منقلبة من ياء كقولك في النسبة إلى رجا رجويّ، وإلى فتى فتويّ، وإلى حصا حصويّ، وإلى هدى هدوي، وإلى معى معوي. ولم يجعلوه ياء فيقولون حصييّ ورحييّ لاجتماع ثلاث ياءات مع الكسرة.

قال سيبويه: كرهوا توالى الياءات والحركات وكسرتها فيصير قريبا من أميّيّ.

قال أبو سعيد: وأميي وإن كان مكروها فإن بعض العرب يقول في النسبة إليه أمييّ ويحتمل الثقل، وأما رحيي فلا يقوله أحد، والفصل بينهما أنّ مثل أميّ وجريّ قد يستعمل قبل النسبة، فأما رحيّ فغير مستعمل؛ لأنه يلزم قلبها ألفا فكرهوا أن يحتملوا الثقل في لفظ غير مستعمل في الواحد، وأما رحوي وحصوي وما أشبه ذلك وإن لم يستعمل حصو قبل النسبة فإن الثقل في الواو وياء النسبة أقل من الياءات.


(١) البيت من شواهد سيبويه: ٣/ ٣٤١، ٢/ ٧٢، المحتسب: ١/ ١٣٤
(٢) انظر ابن يعيش: ٥/ ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>