للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجيب وإن لم يظهر (كم) فلا بد من أن يقدرها مضمرة فيشارك من أظهرها ويزيد عليه في إعماله (كم) مضمرة، وهي وأمثالها لا تضمر لضعفها.

وقد يجوز أن يسأل السائل فيقول: كم عندك؟ فيعدل المجيب عن جوابه إلى الإخبار بأن عنده عددا كبيرا فيقول: كم رجل عندي أو كم رجال عندي؟ على استئناف إخبار منه بكثرة ما عنده على غير ما يقتضيه الجواب من ذكر مبلغ ما عنده، ومعناه: عندي رجال كثير، وإن لم يخبره بعدتهم.

وذكر بعض أصحابنا أن رجلا لو قال لآخر كم لا رجلا عندك ولا امرأة، وأراد كم عندك غير رجل كأنه قال: كم بعيرا عندك لا رجلا ولا امرأة، أي إنما أسألك عن الإبل لا غير.

وبيّن بما ذكر من المسائل- في آخر الباب- أن (كم) اسم و (رب) حرف وذلك أنه جاء (كم) بخبر كخبر المبتدأ كقولك: كم غلاما لك ذاهب، وكم منهم شاهد، فذاهب وشاهد خبران لكم، وكذلك: كم مأخوذ بك، وتأويله: كم

رجلا مأخوذ بك، ومأخوذ خبر، ولو نصب مأخوذا لم يتم الكلام واحتجت إلى خبر إذا قلت: كم مأخوذا بك، لم يتم حتى تقول: في الحبس، أو معاقب، أو ما أشبه ذلك.

وكذلك: كم لك، أو كم رجل لك، هو الخبر، ولا يجوز في (رب) ذلك. لا تقول: رب مأخوذ بك، ولا رب رجل قائم.

[هذا باب ما جرى مجرى كم في الاستفهام]

وذلك قولك: له كذا وكذا درهما، وهو مبهم في الأشياء، بمنزلة (كم) وهو كناية للعدد، بمنزلة فلان، إذا كنيت به في الأسماء، وكقولك: كان من الأمر ذية وذية، وذيت وذيت وكيت وكيت، صار (ذا) بمنزلة التنوين؛ لأن المجرور بمنزلة التنوين.

وكذلك: كأيّ رجلا قد رأيت، وزعم ذلك يونس. وكأين- قد أتاني- رجلا، إلا أن أكثر العرب إنما يتكلمون بها مع من. قال الله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ (١)

وقال عمرو بن شأس:

وكائنّ رددنا عنكم من مدجج ... يجيء أمام الألف يردى مقنّعا (٢)


(١) سورة الطلاق، من الآية ٨.
(٢) البيت في الكتاب ١/ ٢٩٧، الدرر ١/ ٢١٣، شواهد الكشاف ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>