قال: (وقولهم: " هو أظرف الفتيان وأجمله " لا يقاس عليه. ألا ترى أنك لو قلت، وأنت تريد الجماعة:" هذا غلام القوم وصاحبه " لم يحسن).
يريد أن قولنا:" هذا أظرف الفتيان وأجمله " أجود من " ضربني وضربت قومك "، من قبل أنك تقول:" هذا أظرف فتى "، فيكون بمعنى: أظرف الفتيان، فلما كان الواحد في هذا الموضع يقع موقع الجماعة، جاز أن تضمر بعد الجماعة واحدا وحسن، ولم يحسن في " ضربني وضربت قومك "، إلا أنه مع قبحه جائز.
هذا باب ما يكون الاسم فيه مبنيا على الفعل قدّم أو أخّر وما يكون الفعل فيه مبنيا على الاسم
قال أبو سعيد: اعلم أن بناء الشيء على الشيء كثيرا ما يدور في كلام سيبويه، ونحن نبينه، حتى تقف عليه من كلامه كلّ ما مرّ بك في موضع من الكتاب.
فإذا قال: بنيت الاسم على الفعل، فمعناه: أنك جعلت الفعل عاملا في الاسم، كقولك:" ضرب زيد عمرا "، " فزيد، وعمرو " مبنيان على الفعل.
وكذلك لو قلت:" عمرا ضرب زيد "؛ لأن " عمرا " وإن كان مقدما فالنية فيه التأخير، وإذا قال لك: بنيت الفعل على الاسم، فمعناه: أنك جعلت الفعل وما يتصل به خبرا عن الاسم، وجعلت الاسم مبتدأ كقولك:" زيد ضربته "، " فزيد " مبني عليه ضربته و " ضربته " مبني على الاسم.
وجملة الأمر: أن الذي حكمه أن يكون مؤخرا مبنيا على ما حكمه أن يكون مقدما، عمل في اللفظ أو لم يعمل، إذا كان أحدهما يحتاج إلى الآخر. وقد ذهب سيبويه إلى أنك إذا قلت:" لو أن عندنا زيدا لأكرمناه "، " أنّ " التي بعد " لو " مبنية على " لو " وإن كانت " لو " غير عاملة فيها، لأن حكم " لو " أن تكون مقدمة على " أنّ " ولا يستغنى عنها.
قال سيبويه: (فإذا بنيت الاسم عليه قلت: " ضربت زيدا " وهو الحد؛ لأنك تريد أن تعمله أو تحمل الاسم عليه، كما كان الحد " ضرب زيد عمرا "، حيث كان " زيد " أول ما تشغل به الفعل).
قال أبو سعيد: قد ذكر أن المفعول مبني على الفعل وقوله: وهو الحد.