للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقال لزيد ويخبر به عنه في تلك الحال.

وقال الكوفيون: لام الجحد هي العاملة بنفسها، وأجازوا تقديم المفعول كقولك:

ما كنت زيدا لأضرب، وأنشدوا:

لقد عذلتني أمّ ولم أكن ... مقالتها ما كنت حيّا لأسمعا (١)

وهذا يحمل على إضمار فعل كأنه قال: ولم أكن لأسمع مقالتها، وبيّن ما أضمر بقوله لأسمعا، كما قال:

وإنّى امرؤ من عصبة خندفيّة ... أبت للأعادي أن تديخ رقابها (٢)

فاللام في الأعادي لا تكون في صلة تديخ، فيقدّر فعل قبله تقديره: أبت أن تديخ رقابها للأعادي. وباقي الباب مفهوم، أو ممّا ذكر تفسيره في غير هذا الباب.

[هذا باب ما يعمل في الأفعال فيجزمها]

قال سيبويه: " وذلك لم، ولمّا، واللام التي في الأمر، وذلك قولك: ليفعل، ولا التي للنّهي، وذلك قولك: لا تفعل؛ وإنما هو بمنزلة لم.

واعلم أنّ اللام ولا في الدعاء بمنزلتهما في الأمر والنهي، وذلك قولك: لا يقطع الله يمينك، وليجزك الله خيرا.

واعلم أنّ هذه اللام قد يجوز حذفها في الشعر وتعمل مضمرة، كأنهم شبّهوها بأن إذا عملت مضمرة. قال الشاعر:

محمد تفد نفسك كلّ نفس ... إذا ما خفت من أمر تبالا

وإنما يريد: لتفد نفسك، وقال متمّم بن نويرة:

على مثل أصحاب البعوضة فاخمشى ... لك الويل حرّ الوجه أو يبك من بكى (٣)

أراد: ليبك.

واعلم أنّ حروف الجزم لا تجزم إلا الأفعال، ولا يكون الجزم إلا في هذه الأفعال المضارعة للأسماء، كما أنّ الجرّ لا يكون إلا في الأسماء.

فالجزم في الأفعال نظير الجرّ في الأسماء، فليس للأسماء في الجزم نصيب، وليس للفعل في الجرّ نصيب، فمن ثمّ لم يضمروا الجازم. وقد أضمره الشاعر، شبّهه


(١) البيت في الخزانة ٨/ ٥٧٨؛ ابن يعيش ٧/ ٢٩.
(٢) البيت منسوب لعمارة بن عقيل بن بلال بن جرير، اللسان (ديخ)؛ والمقتضب ٤/ ١٩٩.
(٣) البيت من ديوانه، ابن يعيش ٧، ٦٠، ٦٢؛ الكتاب ٣/ ٩؛ تاج العروس (بعض). (يعض).

<<  <  ج: ص:  >  >>