للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإضمارهم ربّ وواو القسم في كلام بعضهم.

وفي نسخة أبي بكر مبرمان وأبي محمد بن درستويه: (وأمّا يرحمك الله فإنّه رفع وإن كان دعاء، كما قالوا: غفر الله لك فجاءوا به على لفظ الخبر، وإنّما يريدون به الدعاء ".

قال أبو سعيد: أمّا حذف اللام من لتفد نفسك فإنّ أبا العباس المبرّد ينكر البيت ويزعم أنه باطل، وأجاز البيت الثاني، وعطف (أو يبك من بكى) على معنى فاخمشي، وقدّره مجزوما باللام، فكأنّه قال: فلتخمشي أو يبك من بكى، ومثله قول الآخر، الحطيئة:

فقلت ادعى وأدع فإنّ أندى ... لصوت أن ينادي داعيان (١)

كأنه قال: فقلت لتدعي وأدع، وقد روي: وأدعو إنّ أندى على الجواب بالواو، وليس فيه شاهد.

وقد ذكر أبو بكر مبرمان عن أبي علي عسل بن ذكوان عن أبي عثمان المازني أنّ الشاعر يجوز أن يكون أراد تفدي نفسك على الخبر، ولكنّه حذف الياء كما حذفوا من:

دوامي الأيد، يريدون الأيدي.

قال أبو سعيد: وأجود من هذا الاستشهاد خطّ المصحف، وقراءة من قرأ: ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا [الكهف: ٦٤].

ولمّا معناها معنى لم، وجزمها كجزمها، وهي تزيد على لم بتطويل زمان، كما يقول القائل: ندم زيد ولم تنفعه الندامة، أي: وما نفعته الندامة عقيب ندمه وإذا قال:

ولمّا تنفهه النّدامة، أي إلى وقته، وقوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة: ٢١٤] دلّت لمّا على طول وقت الإتيان، ومنه قول الشاعر:

فإن كنت مأكولا فكن خير آكل ... وإلا فأدركني ولمّا أمزّق (٢)

وما بين لم ولمّا كما بين فعل وقد فعل؛ فلم نفي فعل كقولك: جاء زيد، فيقول الرّادّ: لم يجيء زيد، ويقول القائل: جاء زيد وقد اغتمّ، فيقول: جاء زيد ولمّا يغتمّ، وهما في


(١) البيت في ديوانه، ابن يعيش ٧/ ٥٣؛ الكتاب ٣/ ٤٥؛ وتاج العروس (ندى).
(٢) البيت منسوب للشاعر الجاهلي الممزق العبدي (شأس بن نهار العبدي)، الخزانة ٧/ ٢٨٠؛ تاج العروس ولسان العرب (مزق، أكل).

<<  <  ج: ص:  >  >>