للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: أمّا ما وضعه عليه سيبويه فإنه يريد ذئبا من ههنا وضبعا من ههنا.

قال: (وحدثنا من يوثق به أن بعض العرب قيل له: أما بمكان كذا وكذا وجد وهو موضع يمسك الماء) نحو النقرة في الصخرة، (فقال: بلى وجادا، ومنه قول الشاعر:

أخاك أخاك إنّ من لا أخا له ... كماش إلى الهيجا بغير سلاح (١)

كأنه يريد: الزم أخاك).

غير أنّ هذا مما لا يحسن فيه إظهار الفعل إذا كررت، ويحسن إذا لم تكرّر، إذا قلت: أخاك، حسن أن تقول: الزم أخاك، وإذا قلت: أخاك أخاك، لم يحسن أن تقول:

الزم أخاك أخاك لأنهم إذا كرروا جعلوا أحد الاسمين كالفعل، والاسم الآخر كالمفعول.

وكأنهم جعلوا أخاك الأول بمنزلة " الزم "، فلم يحسن أن تدخل " الزم " على ما قد جعل بمنزلة " الزم ".

ومنه قول العرب:

" أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك "

فمعناه: عليك بأمر مبكياتك، واتّبع أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك.

فمعناه: اتبع أمر من ينصح لك فيرشدك وإن كان مرّا عليك صعب الاستعمال، ولا تتبع أمر من يشير عليك بهواك؛ لأن ذلك ربما أدى إلى العطب.

ومنه: " الظّباء على البقر ". والمعنى في المثل:

أنك تنهاه عن الدخول بين قوم يتشابهون ويتكافؤون في سوء أو غيره، وتقديره:

خلّ الظباء على البقر.

[هذا باب ما يضمر فيه الفعل المستعمل إظهاره في غير الأمر والنهي]

(وذلك إذا رأيت رجلا متوجّها وجه الحاجّ، قاصدا في هيئة الحاجّ قلت: مكّة


(١) البيت ل (مسكين الدارمي):
الديوان ٢٩، ط: بغداد، ورواية الديوان:
... ... كساع إلى الهيجا ...
الأغاني ٢٠: ٢٠٨، ٢١٠؛ شرح قطر الندى ١٣٤؛ شرح شذور الذهب ٢٧٩؛ الخصائص ٢:
٤٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>