يعني أنك لو بنيت فعلالة ولم تقدر هاء التأنيث منها منزوعة في حال يعني: أن قوله: لم أبل، وإن كان على الوجهين اللذين ذكرنا ولم يك، وإن كان حذف نونها على ما شرحنا فليس ذلك بالقياس المطرد؛ لأنا نقول: لم أعط زيدا، ولم أجر أخاك في معنى: لم أعط زيدا، ولم أجر أخاك، ولا تقول لم يص زيد عمرا في معنى لم يصن زيد لأنهم إنما حذفوا النون من يكن تخفيفا لكثرة دور هذه الكلمة في كلامهم، وذكر ما حذف منه النون تخفيفا نحو: مذ وأصله منذ، ولد وأصله لدن.
قال أبو سعيد رحمه الله: ذكر سيبويه ذلك حجة لحذف النون من لم يك، وذكر علم وأصله علم حجة لحذف الكسرة من لم أبال وسكون اللام.
قال: وزعم الخليل أن ناسا من العرب يقولون: لم أبله لا يزيدون على حذف الألف حيث كثر الحذف في كلامهم كما حذفوا ألف أحمر وألف غلبط، وواو غد يعني أن أصل لم أبله، لم أبال ثم يخففون لغير علة توجب التخفيف فيسقطون الألف فيصير لم أبله كما يقولون في علابط علبط تخفيفا قال: وكذلك فعلوا بقولهم: ما أباليه بالة، كلها بالية بمنزلة العافية، ولم يحذفوا لا أبالي؛ لأن الحرف يقوى هاهنا، ولا يلزمه حذف كما أنهم إذ قالوا: لم يكن الرجل فكانت في موضع تحرك لم تحذف، وإنما جعلوا الألف تثبت مع الحركة، ألا ترى أنها لا تحذف في أبالي في غير موضع الجزم، وإنما تحذف في الموضع الذي تحذف منه الحركة.
قال أبو سعيد- رحمه الله-: اعلم أن باله يباليته أباليه على غير ما يوجبه قياس مصدر باليته، ولكن هي اسم المصدر كما تقول: عافاه الله عافية؛ فالمحذوف من باله الياء التي في موضع اللام من الفعل؛ فإذا رددناها إلى موضعها صارت بالية كقولك: عافية، وواقية، وإنما حذفوا هذه الياء كما حذفوا لام الفعل من سنة وتبة وعزة، وما أشبه ذلك.
وقوله:«ولم يحذفوا ألا أبالي؛ لأن الحرف يقوى هاهنا، ولا يلزمه حذف».
يعني: أن قوله: «لا أبالي» في موضع رفع، وليس بموضع جزم يقع فيه حذف كما أنهم إذا قالوا: لم يكن الرجل؛ فتحركت النون لاجتماع الساكنين بطل حذفها، وإنما حذفهم الألف من لم أبل بسبب ما ذكرناه، ولأن المجزوم في موضع حذف؛ فاعرفه إن شاء الله.
[هذا باب ما قيس من المعتل من بنات الياء والواو ولم يجز في الكلام نظيره إلا من غير المعتل]
«تقول في مثل حمصيصة من رميت رموية، وإنما أصلها رميية ولكنهم كرهوا