للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ألزم من يلتزم أن تكون الحال معرفة أن يجعل حال النكرة معرفة؛ لأنه لا فرق بين حال المعرفة والنكرة فتقول: هذا رجل سيد الناس، وهذا كله من سيبويه تشنيع وتقبيح لهذا القول، ثم ألزمه أن يقول: هذا أخوك عبد الله؛ لأنه قد يكون الاسم للعلم عطف البيان، ويجري ما قبله مجرى النعت، فألزمه نصبه. ومن أصحابنا من قال: غلط في الكتاب وإن معناه إذا عبد الله ليس اسمه الذي يعرف به، ثم ذكر مواضع المعرفة فقال: إنما تكون للمعرفة مبنيا عليها، يعني مبتدأ أو مبنية على اسم يعني خبرا لمبتدإ، أو لكان ونحوها، أو غيره من الكلام الذي جرى بالاستئناف له، أو بنصبه على إضمار، وقد دخل هذا في أقسامه الأول. فهذا أمر النكرة وأمر المعرفة، فأجره كما أجروه وضع كل شيء موضعه.

هذا باب ما ينتصب خبره لأنّه معرفة وهي معرفة لا توصف ولا تكون وصفا

" وذلك قولك: مررت بكلّ قائما، وببعض جالسا. وإنّما خروجهما من أن تكونا وصفين أو موصوفين، أنه لا يحسن لك أن تقول: مررت بكلّ الصالحين ولا ببعض الصالحين، قبح الوصف حين حذفوا ما أضافوا إليه؛ لأنّه

مخالف لما يضاف، شاذ منه، فلم يجر في الوصف مجراه، كما أنّهم حين قالوا: يا الله، فأضافوا ما فيه الألف واللام، لم يصلوا ألفها وأثبتوها وصار معرفة؛ لأنّه مضاف إلى معرفة، كأنك قلت:

مررت بكلّهم ببعضهم، ولكنك حذفت ذلك المضاف إليه، فجاز ذلك كما جاز: لاه أبوك، تريد لله أبوك، حذفوا الألف واللامين. وليس هذا طريقة الكلام، ولا سبيله؛ لأنهم ليس من كلامهم أن يضمروا الجارّ ".

قال أبو سعيد: مررت بكلّ قائما، ومررت ببعض قائما وببعض جالسا، لا يتكلم به مبتدأ، وإنما يتكلم به إذا جرى ذكر قوم فتقول: مررت بكلّ أي: مررت بكلهم، ومررت ببعض، أي ببعضهم، فيستغنى بما جرى من الكلام ومعرفة الخطاب بما يوصف به أيضا؛ لأنهم لما أقاموه مقام الضمير، والضمير لا يوصف إذا لم يكن تحلية ولا فيه معنى تحلية، ولم يصفوا به. ولا يقال: مررت بالزيدين كلّ، كما لا يقال: مررت بكل الصالحين، وأما تشبيه سيبويه ذلك في الشذوذ بقولهم: يا الله، حين نادوا ما فيه الألف واللام، وقطعوا ألف الوصل منه، فإن الذي دعاه إلى ذلك مع خروجه عن القياس المستمر

<<  <  ج: ص:  >  >>