حسن في الاستفهام. لأنّك إنما تقول: أطربا وأسيرا، إذا رأيت ذلك من الحال أو ظننته في، وعلى هذا يجري هذا الباب إذا كان خبرا أو استفهاما، وإذا رأيت رجلا في حال سير أو ظننته فيه فأثبتّ ذلك له.
وكذلك أنت في الاستفهام إذا قلت: أأنت سيرا. ومعنى هذا الباب أنّه فعل متّصل في حال ذكرك إيّاه استفهمت أو أخبرت، وأنّك في حال ذكرك شيئا من هذا الباب تعمل وفي تثبيته لك أو لغيرك.
ومثل ما تنصبه في هذا الباب وأنت تعني نفسك قول الشّاعر:
سماع الله والعلماء أنّي ... أعوذ بحقو خالك يا ابن عمرو) (١)
كأنه قال: أسمع الله هذا، كما تقول: أشهد الله بهذا على نفسي، وسماع الله بمنزلة إسماع الله كأنه قال: أسمع الله إسماعا، كما تقول: ما أنت إلا ضربا النّاس إذا نوّنت، وإن لم تنوّن قلت: إلا ضرب الناس، ولو نوّن في سماع الله لقال: سماعا الله والعلماء، بمعنى: إسماعا الله، كما تقول أعطيته عطاء على معنى: أعطيته إعطاء.
هذا باب ما ينتصب من الأسماء الّتي أخذت من الأفعال انتصاب الفعل، استفهم أو لم يستفهم
(وذلك قولك: أقائما وقد قعد الناس، وأقاعدا وقد سار الركب، وكذلك إن أردت هذا المعنى ولم تستفهم تقول: قاعدا قد علم الله وقد سار الركب، وقائما قد علم الله وقد قعد الناس).
قال أبو سعيد: هذا الباب مثل ما مضى في الباب الذي قبله من قولك: أقياما والناس قعود، وأطربا وأنت قنّسريّ، غير أنّ الباب الأوّل بمصدر وهذا باسم الفاعل، وقدّره سيبويه أن العامل فيه مثل الفعل الذي يعمل في المصدر، فقال: وكأنّه يقوله أتقوم قائما، وأتقعد قاعدا، ولكنّه حذفه استغناء، وهذا ينكره بعض الناس لأنّ لفظ الفعل لا يكاد يعمل في اسم الفاعل الذي من لفظه، وإذا جاء ذلك صرف إلى أنّه مصدر لاسم الفاعل كقولهم: قائما تريد قياما، هكذا قال أبو العبّاس المبرّد، ويلزمه على قوله إذا كان
(١) شرح أبيات سيبويه للنحاس ١٧٥؛ وهو بلا نسبة في اللسان (سمع- حقا).