لم يكن معه غيره.
والآخر: أن تجعل قصدك إليه دون غيره؛ فتقول: مررت به وحده أي: لم أعتمد غيره في مروري.
وكان الزجّاج يذهب إلى أنّ وحده مصدر هو للفاعل دون المفعول فإذا قلت:
مررت به وحده، كأنك قلت: أفردته إفرادا، ثم إنّ سيبويه جعل يونس في جعله طرّا وقاطبة اسمين لا مصدرين أعذر منه في الجمّاء الغفير لأنّهما نكرات وهما اسمان، غير أنه لا يقول بقوله من أجل أنه لو كانا اسمين لجاز أن يستعملا متمكنين؛ لأن هذا مثل التي تستعمل أحوالا.
(وأما كلّهم وجميعهم وأجمعون وعامّتهم وأنفسهم فلا تكون أبدا إلا صفة).
قال أبو سعيد: يعني توكيدا لما قبله وجاريا عليه.
وتقول: " هو نسيج وحده " فهو مدح، وأصله أنّ الثوب إذا كان مرتفعا لا ينسج على منواله معه غيره، فكأنه قال نسيج إفراده، ويقال: هذا للرجل إذا أفرد بالفضل.
وأما " عيير وحده " و " جحيش وحده " فهو تصغير عير وهو: الحمار وجحش وهو:
ولد الحمار، ويذمّ بهذا الرّجل، وهو الذي ينفرد فيما يخصّه بفعله ولا يخالط أحدا في رأي ولا معونة ولا يدخل في معونة أحد، ومعناه: أنه ينفرد بخدمة نفسه، وقد يقال:
جحيش نفسه وعيير نفسه على ذلك المعنى.
[هذا باب ما ينتصب من المصادر توكيدا لما قبله]
(وذلك قولك: هذا عبد الله حقّا، وهذا عبد الله الحقّ لا الباطل، وهذا زيد غير ما تقول.
وزعم الخليل أنّ قوله: " هذا القول لا قولك "، إنّما نصبه كنصب " غير ما تقول "؛ لأنّ " لا قولك " في ذلك المعنّى. ألا ترى أنّك تقول: هذا القول لا ما تقول، فهذا في موضع نصب، فإذا قلت لا قولك فهو في موضع لا ما تقول).
قال أبو سعيد: حقّا وما بعده مصادر، والناصب لها فعل قبلها يؤكد الجملة، وذلك الفعل أحقّ أو ما جرى مجراه، وذلك أنك إذا قلت هذا عبد الله جاز أن يكون كلامك قد جرى على يقين منك وتحقيق، وجاز أن يكون على شكّ، ويجوز أن يكون حقّا معرفة ونكرة لأنه ليس بحال، وإذا قلت: الحقّ لا الباطل؛ فالباطل عطف على الحق بلا كما