درهمين في حال كثرته، لأنه أكثر ما دونه ففيه لهذا تأويل كثير.
ولك أن تقول: أعطيته درهما أو درهمان أكثر ما أعطيته، قلت: آتيك يوم الجمعة أو يوم السبت أبطؤه. يكون درهمان: مبتدأ، وأكثر: خبرا، وإنما جاز أن يكون أكثر ما أعطيته: نصبا على الحال، وهو مضاف إلى (ما) لأن ما
يجوز أن يكون نكرة فلا يتعرّف أكثر بالإضافة إليها، كما قال:
ربّما تكره النفوس من الأمر ... له فرجة كحلّ العقال (١)
فأدخل عليه ربّ.
[هذا باب ما ينتصب من الأماكن والوقت]
(وذلك لأنها ظروف توقع فيها الأشياء وتكون فيها فانتصبت لأنه موقوع فيها، ويكون فيها، وعمل فيها ما قبلها.
كما أن العلم إذا قلت: أنت الرجل علما، عمل فيه ما قبله).
قال أبو سعيد: ولا أعلم خلافا بين البصريين، أنك إذا قلت: زيد خلفك وكذلك سائر ما يجعل الظروف خبرا له أنه منصوب بتقدير فعل هو استقر أو وقع أو حدث أو كان أو نحو ذلك، وقال الكوفيون: إذا قلت: زيد خلفك، فلم ينتصب " خلفك " بإضمار فعل، ولا بتقديره وإنما ينتصب بالخلاف الأول، ولأنّا نقول: زيد أخوك، فيكون الأخ هو زيد، وكل واحد منهما يرفع الآخر، وإذا قلت: زيد خلفك، كان خلفك مخالفا، لزيد لأنه ليس هو فنصبناه بالخلاف، وهذا فاسد من وجوه:
أحدها: أنه لو كان الخلاف يوجب النصب لوجب أن ينتصب الأول لأنه مخالف للثاني كما خالفه الثاني، وعلى أنهم يزعمون أن الأول رفع بعائد يعود إليه من خلفك، وذلك العائد في موضع رفع، فإذا ارتفع العائد فلا بد من رافع، فإذا كان في خلفك ما يرفع العائد وجب أن يكون ذلك الرافع هو الذي نصب خلفك، ومذهب البصريين: أنا إذا قلنا: زيد استقر خلفك أن في استقر ضميرا مرفوعا باستقر هو فاعله، وخلفك منصوب به.
(١) البيت ينسب إلى: أمية بن أبي الصلت خزانة الأدب ٢/ ٥٤١، ٤/ ١٩٤، ديوان أمية: ٥٠ مغني اللبيب: ٢٩٧.