موضع الحال من زيد، ولو قال: جاء زيد ولم يغتمّ لم يحسن كحسن ولمّا يغتمّ. ومن أجل طول زمان قد ولمّا جاز
حذف الفعل منهما كقولك: ندم فلان وقد نفعته الندامة، وندم غيره ولمّا تنفعه النّدامة، وتقول في قد: أزف الشّخوص وكأن قد، قال النابغة:
أزف الترحّل غير أنّ ركابنا ... لمّا تزل برحالها وكأن قد (١)
أي: كأن قد زالت.
وقوله: يرحمك الله وغفر الله لك، على لفظ الخبر ومعنى الدعاء؛ كما أنّ قولنا:
أكرم بزيد على لفظ الأمر ومعنى الخبر. وإنما جاز لفظ الخبر في الدعاء؛ لأنه يعلم أنّ القائل لهذا لا يعلم ما فعله الله بمن يدعو له من الرحمة وغيرها فيخبر به، فيعلم أنّ لفظ الإخبار منه على معنى الدعاء، ولا يجوز: قام زيد في معنى: ليقم زيد؛ لأنّ القائل لهذا يجوز أن يعلمه فيخبر به.
هذا باب وجه دخول الرّفع في هذه الأفعال المضارعة للأسماء
قال سيبويه: " اعلم أنّها إذا كانت في موضع اسم مبتدإ أو اسم مبني على مبتدإ أو في موضع اسم مرفوع غير مبتدإ ولا مبني على مبتدإ، أو في موضع اسم مجرور أو منصوب، فإنّها مرتفعة، وكينونتها في هذه المواضع ألزمتها الرفع، وهي سبب دخول الرّفع فيها وعلّته.
فما عمل في الأسماء لم يعمل في هذه الأفعال على حدّ عمله في الأسماء، كما أنّ ما يعمل في الأفعال فيجزمها أو ينصبها لا يعمل في الأسماء. وكينونتها في مواضع الأسماء ترفعها كما ترفع الاسم كينونته مبتدإ.
فأمّا ما كان في موضع المبتدإ، فقولك: يقول زيد ذاك، وأمّا ما كان في موضع المبني على المبتدإ، فقولك: زيد يقول ذاك.
وأمّا ما كان في موضع غير المبتدإ ولا المبني عليه فقولك: مررت برجل يقول ذاك، وهذا يوم آتيك، وهذا زيد يقول ذاك، وهذا رجل يقول ذاك، وحسبته ينطلق. وهكذا هذا وما أشبهه.
ومن ذلك أيضا: هلا يقول زيد ذاك، فيقول في موضع ابتداء، وهلا لا تعمل في
(١) البيت منسوب للنابغة الذبياني في ديوانه ٨٩، الخزانة ٧/ ١٩٧، ٩/ ٨، ١٠/ ٤٠٧؛ ابن يعيش ٨/ ١٤٨، ٩/ ١٨، ١٠/ ١١٠؛ وتاج العروس (قدد).