ويحتمل أن يكون في موضع المفعول الثاني، ولكن كلام سيبويه وقوله:(ولأن الوجدان ...) دليل على أن وجدنا بمعنى أصبنا، وهو يتعدى إلى مفعول واحد، وقد دخل الجزاء وإن كان مبتدأ في معنى الوجدان، فأضمر وجدنا بعد ذلك، ونصب جنات لأنه في المعنى عطف على جزاء، كأنه قال: وجدنا لهم جنات، وإن نصبت جزاء فتقديره: وجدنا لهم جزاء وجنات، وقال الشاعر:
أسقى الإله عدوات الوادي ... وجوفه كلّ ملث غادي
كلّ أجشّ حالك السّواد (١)
رفع كلّ الأخير، ونصب الذي قبله لأنه حمله على سقاها كل أجش، لأن في قوله:
أسقى الإله كل ملث غاد دليلا على سقاها كل أجش، لأنه إذا أسقاها الله السحاب، سقاها السحاب، وكل أجش من صفة السحاب، وهو شبيه ب " ليبك يزيد ضارع ".
قال:(ولا يجوز أن تقول: ينتهي خيرا له، ولا انتهى خيرا له).
وإنما يجوز هذا في الأمر، لأن الآمر إنما يسوق المأمور إلى أمر يحدثه، فله قوة في الإضمار وحكم ليس لغيره (وقد يجوز أن تقول: ألا رجل إما زيد وإما عمرو، كأنه قيل له: من هذا المتمنّى؟ فقال: زيد أو عمرو).
[هذا باب ما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره في غير الأمر والنهي]
(وذلك قولك: أخذته بدرهم فصاعدا، وأخذته بدرهم فزائدا، حذفوا الفعل لكثرة استعمالهم إيّاه، ولأنهم أمنوا أن يكون على الباء لو قلت:
أخذته بصاعد، كان قبيحا، لأنه صفة ولا يكون في موضع اسم، كأنه قال:
أخذته بدرهم، فزاد الثمن صاعدا، ولا يجوز أن تقول: وصاعد لأنّك لا تريد أن تخبّر أنّ الدرهم مع صاعد ثمن لشيء كقولك: بدرهم وزيادة، ولكنّك أخبرت بأدنى الثمن فجعلته أولا ثم قروت شيئا بعد شيء لأثمان شتّى، فالواو لم ترد فيها هذا المعنى، ولم