به: ما ينصب من الأسماء على طريق التمييز، كقولك:" هذه عشرون درهما " و " ما في السّماء موضع راحة سحابا "، فهذا أضعف عوامل الأسماء؛ لأنه لا يعمل إلا في منكور ولا يتقدّم عليه ما يعمل فيه، فهذا ليس بمنزلة أسماء الفاعلين، ولا بمنزلة الصفات، ولا هي بمنزلة المصادر؛ لأن المصادر تعمل في المعرفة والنكرة، ويتقدّم فاعلوها على مفعوليها، فليست لعشرين درهما وبابه زيادة قوّة شيء من العوامل التي قبلها، ثم عاد إلى العوامل فقال:" عشرون درهما " وهي ناصبة ولم تبلغ أن تكون في القوة كالنواصب التي قبلها، فاعرف ذلك.
[هذا باب الفاعل]
الذي لم يتعدّه فعله إلى مفعول والمفعول الذي لم يتعدّ إليه فعل فاعل ولم يتعدّه فعله إلى مفعول.
وقد فسرنا هذه الترجمة.
قال سيبويه:" والفاعل والمفعول في هذا سواء، يرتفع المفعول كما يرتفع الفاعل؛ لأنّك لم تشغل الفعل بغيره، وفرّغته له كما فعلت ذلك بالفاعل ".
قال أبو سعيد: إن قال قائل: لم كان الفاعل مرفوعا، دون أن يكون منصوبا أو مخفوضا؟
قيل له: في ذلك وجوه؛ منها: أن الفاعل واحد والمفعول جماعة؛ لأن الفعل قد يتعدى إلى مفعول ومفعولين وثلاثة، ويتعدّى إلى المفعول له، والمفعول معه، ويتعدى إلى ظرف الزمان والمكان والحال والمصدر، فكثر فاختير لهم أخفّ الحركات، وجعل للفاعل إذ كان واحدا أثقلها؛ لأن إعادة ما خفّ تكريره في الأسماء الكثيرة أيسر مئونة مما يثقل.
ووجه ثان: وهو أن الفاعل أوّل؛ لأنّ ترتيبه أن يكون بعد الفعل؛ لأن الفعل لا يستغني عنه، ويجوز الاقتصار عليه دون المفعولين، والمفعول بعد الفاعل في ترتيبه، فلما كان كذلك، وكانت الحركات مختلفة المواضع، لاختلاف مواضع الحروف المأخوذة منها هي، وذلك أن الحركات ثلاث: والفتحة مأخوذة من الألف، ومخرج الواو من بين الشفتين، ومخرج الياء من وسط اللسان، ومخرج الألف من الحلق فأوّل هذه المخارج وأقربها متناولا الواو، فجعلوا الحركة المأخوذة منها لأوّل الأسماء رتبة، وآخرها لآخرها رتبة، وهاتان علتان مرضيتان.