ولا يدخل على شيء فيه من العوامل إلا ما كان متصلا بالجحد كقولك: ما بالدار أحد وما رأيت بها عربيا، وما بها تومريا أحسن من زيد.
وقد ذكرت في أول الكتاب من ذلك ما فيه كفاية.
وتركت من الباب ما كلام سيبويه فيه مفهوم.
[هذا باب النفي «بلا»]
و (لا) تعمل فيما بعدها فتنصبه بغير تنوين، ونصبها لما بعدها كنصب (إنّ) لما بعدها، وترك التنوين لما تعمل فيه لازم؛ لأنها جعلت وما عملت فيه بمنزلة اسم واحد نحو: خمسة عشر؛ وذلك لأنها لا تشبه سائر ما ينصب مما ليس باسم وهو الفعل وما أجري مجراه؛ لأنها لا تعمل إلا في نكرة و (لا) وما تعمل فيه في موضع ابتداء.
فلما خولف بها عن حال أخواتها خولف بلفظها كما خولف بخمسة عشر.
(فلا) لا تعمل إلا في نكرة كما أن (رب) لا تعمل إلا في نكرة. وكما أن (كم) لا تعمل- في الخبر والاستفهام- إلا في نكرة. لأنك لا تذكر بعد (لا) - إذا كانت عاملة- شيئا بعينه كما لا تذكر ذلك بعد (رب).
وذلك لأن (رب) إنما هي للعدّة بمنزلة (كم) فخولف بلفظها حين خالفت أخواتها كما خولف ب (أيهم) حيث خالفت (الذي) وكما قالوا " يا الله " حين خالفت ما فيه الألف واللام.
وسترى أيضا نحو ذلك إن شاء الله.
فجعلت وما بعدها كخمسة عشر في اللفظ وهي عاملة فيما بعدها كما قالوا:
" يا ابن أم " فهي مثلها في اللفظ وفي أن الأول عامل في الآخر.
وخولف بخمسة عشر لأنها إنما هي خمسة وعشرة " فلا " لا تعمل إلا في نكرة من قبل أنها جواب- فيما زعم الخليل- لقوله: هل من عبد أو جارية؟ فصار الجواب نكرة كما أنه لا يقع في هذه المسألة إلا نكرة.
واعلم أن (لا) وما عملت فيه في موضع ابتداء، كما إنك إذا قلت: هل من رجل فالكلام في موضع اسم مرفوع مبتدأ، وكذلك " ما من رجل " و " ما من شيء " والذي يبنى عليه في زمان أو مكان ولكنك تضمره وإن شئت أظهرته وكذلك " لا رجل " و " لا شيء " إنما تريد لا رجل في مكان ولا شيء في زمان.