للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[قول سيبويه في «الحسن الوجه»:]]

قال سيبويه في " الحسن الوجه ":

فالإضافة فيه أحسن وأكثر؛ لأنه ليس كما جرى مجرى الفعل، ولا في معناه، فكان أحسن عندهم أن يتباعد منه في

اللفظ، كما أنه ليس مثله في المعنى، وفي قوته في الأشياء ".

يعني أن قولك: " حسن الوجه " لم يجر مجرى " حسن " كما جرى " ضارب " مجرى " ضرب "، فكان الأحسن عندهم في " حسن " الإضافة؛ لبعد الإضافة من الفعل في اللفظ، كما تباعد " حسن الوجه " من الفعل، ومما جرى مجراه في المعنى.

قال: " والتنوين عربيّ جيد " لما ذكرناه.

قال: " ومع هذا أنهم لو تركوا التنوين أو نون الجمع لم يكن أبدا إلا نكرة على حاله منوّنا، فلما كان ترك التنوين والنون فيه، لا يجاوز به معنى التنوين والنون كان تركهما أخفّ عليهم، فهذا يقوي الإضافة مع التفسير الأول ".

يعني أن الإضافة والتنوين في " حسن الوجه " لا يختلفان في المعنى، فلأنهما لا يختلفان في المعنى مع طلب التباعد بين " حسن الوجه " و " ضارب زيدا " قويت الإضافة.

والمضاف إلى ما فيه الألف واللام بمنزلة ما فيه الألف واللام في هذا الباب، كقولك: " هذا أحمر بين العينين " و " هو جيّد وجه الدار " كأنك قلت: هذا أحمر العينين، وهو جيد الدار، ولو نونت لكان أيضا عربيّا، كقولك: " هذا جيّد وجه الدار " كقول زهير:

أهوى لها أسفع الخدين مطّرق ... ريش القوادم لم تنصب له الشّرك (١)

أراد مطرق ريش القوادم، أي متراكب كثير، يعني بذلك صقرا، قال العجاج: (٢)

محتبك ضخم شؤون الرأس (٣)

أي شؤون رأسه، وقال " النابغة " فيما كان على مذهب التنوين:

ونأخذ بعده بذناب عيش ... أجبّ الظهر ليس له سنام (٤)


(١) ديوان زهير ١٧٢.
(٢) ملحقات ديوان العجاج ٧٩ وهذا صدر بيت وعجزه والسّدس أحيانا وفوق السدّس.
(٣) العجاج هو عبد الله بن رؤبة راجز مجيد عاش في الجاهلية ثم أسلم وعاش إلى أيام الوليد بن عبد الملك وهو والد رؤبة الراجز المشهور شواهد المغني ١٨، الشعر والشعراء ٢٣٠.
(٤) ديوان النابغة ٧٥، الخزانة ٤/ ٩٥، العيني ٣/ ٥٧٩، ابن يعيش ٦/ ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>