[هذا باب ما لا يعمل فيه ما قبله من الفعل الذي يتعدى إلى المفعول ولا غيره]
لأنه كلام قد عمل بعضه في بعض، فلا يكون إلا مبتدأ لا يعمل فيه شيء قبله؛ لأن ألف الاستفهام تمنعه من ذلك، وهو قولك:" قد علمت أعبد الله ثمّ أم زيد "، و " قد عرفت أبو من زيد "، و " قد عرفت أيّهم أبوك "، و " أما ترى أيّ برق هاهنا "، فهذا في موضع مفعول، كما أنك قلت: عبد الله هل رأيته، فهذا الكلام في موضع المبني على المبتدأ.
قال أبو سعيد قوله:" هذا باب ما لا يعمل فيه ما قبله من الفعل الذي يتعدى إلى المفعول ولا غيره " يريد الاستفهام، والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، وقد بينا هذا في أول الكتاب.
والفعل الذي يتعدى قولك:" قد علمت أزيد عندنا أم عمرو "، و " قد عرفت أبو من زيد "، والفعل الذي لا يتعدى قولك:" قد فكرت أزيد أفضل أم عمرو فإذا قلت: أزيد عندنا أم عمرو، " فزيد " مرفوع بالابتداء و " عندنا " خبره، ودخلت ألف الاستفهام على الجملة، ثم دخل الفعل على ألف الاستفهام، فلم يغيّر شيئا مما بعدها؛ لأن بعدها جملة، وقد حالت هي بين ما بعدها وما قبلها.
فإذا كان الفعل متعديا إلى مفعولين سد الاستفهام وما بعده مسدّ المفعولين، كقولك: " خلت أزيد في الدار أم عمرو "، كما تسد " أنّ " المشددة مسد المفعولين في قولك: " خلت أنّ زيدا قائم ".
وإذا كان الفعل يتعدى إلى مفعول، سد الاستفهام وما بعده مسد ذلك المفعول فقلت: " عرفت أبو من زيد "، كما قلت: " عرفت أن زيدا قائم ".
وإذا كان الفعل لا يتعدى قام الاستفهام وما بعده مقام اسم فيه حرف من حروف الجر، كما أن " أنّ " المشددة إذا وقعت بعد فعل لا يتعدى، كان فيها تقدير حرف الجر، كقولك: " فكرت هل زيد قائم "؛ كما تقول: " فكرت أن زيدا قائم " والتقدير: فكرت في أن زيدا قائم، أي في قيامه.
وبعض أصحاب " سيبويه " يروي: " إلى المفعول ولا غيره " بالجر، وبعضهم يقول:
" ولا غيره " بالرفع.
فمن رواه بالجر عطفه على الفعل، كأنه قال: من الفعل الذي يتعدى ولا من غيره،