للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي عشرة أبوه، وليس بالاختيار، فإذا أجريته على الأول ورفعت أبوه صار التأويل:

مررت برجل والد عشرة أبوه، وإذا أضفته قلت: مررت برجل أبي عشرة أبوه كما تقول:

بضارب زيد أبوه، وعلى هذا تقول: مررت برجل كل ماله درهمان، كأنه قال: مجتمع له درهمان، أو جامع مع ملكه درهمان، وليس ذلك بأبعد من: مررت برجل خزّ صفّته، لأنك قد تصف ب (أبي عشرة)، وكل مال مفردين، فتقول: مررت برجل أبي عشرة، ومررت بمال كل مال، ولا تقول: مررت بثوب خز على النعت.

قال سيبويه: (ومن جواز الرفع في هذا الباب أني سمعت رجلين من العرب يقولان: كان عبد الله حسبك به رجلا)، وذكر الباب.

قال أبو سعيد: عبد الله: اسم كان، وحسبك: مبتدأ، وبه خبره، وهو في موضع رفع، ورجلا: نصب على التمييز، ولو أجراه على الأول، لقال: كان عبد الله حسبك به، تنصب حسبك بخبر كان، وبه في موضع الفاعل، تقول: كفى بالله، والمعنى: كفى الله، وإجراء حسبك على الأول أقوى من إجرائه على الثاني ونحوه إذ كان حسبك مفردا يوصف به لأنه مأخوذ من أحسبني الشيء، أي: كفاني.

[هذا باب ما يكون من الأسماء صفة لمفرد وليس بفاعل ولا صفة تشبه الفاعل]

(كالحسن وأشباهه، وذلك قولك: مررت بجبة ذراع طولها). وذكر الفصل.

قال أبو سعيد: ما كان من المقادير نعتا لما قبله إذا انفرد بما يتضمن لفظه من الطول والقصر والقلة والكثرة، ناب عن طويل وقصير وقليل وكثير.

فإذا قال: مررت بحبل ذراع، فكأنه قال: قصير، فإذا قال: بحبل سبع أذرع، فكأنه قال: بحبل طويل، وإذا قال: بإبل مائة، فكأنه قال: بإبل كثيرة، وإذا قال: بإبل خمسين، فكأنه قال: بإبل قليلة.

فإن قال قائل: فهلا نعتّم ب (قفيز) ونحوه، وأجريتموه مجرى قليل وكثير كما فعلتم بذراع، تقول: مررت بحنطة قفيز على الصفة بتأويل حنطة قليلة كما قلت: بحبل ذراع، بتأويل قصير، قيل كذلك تفعل وهذا واجب في جميع

الأعداد من أي صنف كان، ألا ترى أنك تقول: مررت بنسوة أربع، ورجال خمسة، وسائر الأعداد، وجاز الوصف بذراع، وشبر، وباع، ونحوه من سائر المقادير، كما جاز في الأعداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>