[هذا باب بناء الأفعال التي هي أعمال تعداك إلى غيرك وتوقعها به ومصادرها]
قال سيبويه:" فالأفعال تكون من هذا على ثلاثة أبنية: على فعل يفعل، وفعل يفعل، (وفعل يفعل). ويكون المصدر فعلا، والاسم فاعلا. فأما فعل يفعل ومصدره فقتل يقتل قتلا، والاسم قاتل، وخلقه يخلقه خلقا، والاسم خالق، ودقه يدقه دقا، والاسم داق. وأما فعل يفعل فنحو: ضرب يضرب، وهو ضارب، وحبس يحبس وهو حابس. وأما فعل يفعل ومصدره والاسم فنحو: لحس يلحس لحسا وهو لاحس، ولقمه يلقمه لقما وهو لاقم، وشربه يشربه شربا وهو شارب، وملجه يملجه ملجا وهو مالج ".
ومعناه مصه يمصه، ورضعه، ومنه ما يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم (أنه قال): (لا تحرّم إلا ملاجة وإلا ملاجتان)(١)، يريد الرضعة والرضعتين " وقد جاء بعض ما ذكرنا من هذه الأبنية على فعول "، يعني ما يتعدى، وذلك: لزمه يلزمه لزوما، ونهكه ينهكه نهوكا، ووردت الماء ورودا، وجحدته جحودا، شبهه بجلس جلوسا، وقعد قعودا، وركن يركن ركونا ".
شبهوا ما يتعدى بما لا يتعدى.
" لأن بناء الفعل واحد، وقد جاء مصدر فعل يفعل، وفعل يفعل على فعل، وذلك:
حلبها يحلبها حلبا، وطردها يطردها طردا، وسرق يسرق سرقا. وقد جاء المصدر على فعل أيضا، وذلك: خنقه يخنقه خنقا، وكذب يكذب كذبا، وقالوا: كذابا، (فجاءوا به على فعال، كما جاءوا به على فعول. ومثله) حرمه يحرمه حرما، وسرقه يسرقه سرقا. وقالوا: عمله يعمله عملا، فجاء على فعل كما جاء السرق والطلب.
ومع ذا أن بناء فعله كبناء فعل الفزع، فشبه به "
قال أبو سعيد- (رحمه الله) -: ذكر سيبويه هذه المصادر المختلفة في الأفعال المتعدية، والأصل فيها عنده أن يكون المصدر على فعل، بل الأصل في الأفعال كلها الثلاثية أن تكون مصادرها على فعل، لأنه أخف الأبنية، ولأنا نقول فيها كلها إذا أردنا المرة الواحدة فعله، كقولنا: جلس جلسة، وقام قومة، وفعل هو جمع فعلة، كما يقال:
تمرة وتمر، فيكون الضرب من الضربة كالتمر من التمرة، وما خرج عن هذا فهو الذي