للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسيبويه يختار أن يقول: " ويل لك وتبّا " وكذلك " ويل لك وتبّا لك " لأن تبّا إن أفردته عن ذلك أو ذكرت بعده لك فإنه ينتصب مصدرا لفعل مضمر، ولك تبيين، كما يقول لك بعد سقيا لك، فهي مستغنية عن لك فتجريه على ما أجرته عليه العرب.

وإذا قدمت المنصوب ثم جئت بما يرفعونه فقلت تبّا له وويحا، فإنهم ينصبونه على الفعل حملا على تبّا.

وسيبويه لا يخالفهم في ذلك إلا أنه استقبحه؛ لأنه مستقبح استكراه النحويين لذلك، غير أنه رأى متى ما قرن بينهما أن ينصب ويحا فقال: ولا بد ل " ويح " مع قبحها من أن تحمل على " تبّ " لأنها إن ابتدئت لم تحسن حتّى يبنى عليها الكلام، يعني:

حتى يؤتى له بالخبر؛ لأنّ العرب لا تقول: " ويح " ولا " ويل " إلا مع خبرهما وإن نصبت فقد بنيتها على شيء ينصبها مع قبحها كما جاء " تبّا " وما أشبه ذلك، فإذا قلت: " تبّا " له، و " ويح " له؛ فجئت ل " ويح " بخبر وهو اللام حسن الرّفع في " ويح "، وإن نصبت تبّا وليس بينهما خلاف، ولا يختلف النحويون في نصب " التبّ " إذا كان معه " له ".

وقد قدمت المرفوع إذا قلت ويح ويح له وتبّا له.

قال سيبويه: (فهذا يدلّك على النصب في " تبّا ").

يعني إذا لما تكن معه " له " أحسن، لأن " له " لا تعمل في " التبّ " ما عملت في " ويح " لأنه خبر ل " ويح " وليس بخبر في " تبّ " وإنما هو تبيين.

هذا باب ما ينتصب فيه المصدر كان فيه الألف واللام أو لم يكن فيه على إضمار الفعل المتروك إظهاره؛ لأنه يصير في الإخبار والاستفهام بدلا من اللفظ بالفعل، كما كان " الحذر " بدلا من احذر في الأمر

(وذلك قولك ما أنت إلا سيرا، وإنّما أنت سيرا سيرا، وما أنت إلا الضّرب الضّرب، وما أنت إلا قتلا قتلا، فكأنه قال في هذا كلّه ما أنت إلا تفعل فعلا).

قال أبو سعيد: إنما يقال هذا ونحوه لمن يكثر منه ذلك الفعل ويواصله، واستغنى عن إظهار الفعل بدلالة المصدر عليه، وكذلك في الإخبار عن الغائب إذا قلت: زيد سيرا سيرا، وليتك سيرا سيرا، إذا أخبرت عنه بمثل ذلك المعنى، وكذلك إذا قلت: أنت الدهر

<<  <  ج: ص:  >  >>