للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو سعيد: قوله: (قائما) شيء قد عرفه المتكلّم من المسئول، وهو الكاف في شأنك، والمسئول عنه وهو زيد، فسأل عن شأنه في هذه الحال.

وقوله: (ما شأنك؟) ما: مبتدأ، وشأنك: خبر في هذه الحال، وإن شئت: شأنك المبتدأ وما خبر مقدم، والناصب ل (قائما) شأنك، ومعناه: ما تصنع وما تلابس في هذه الحال، وقد يكون فيه إنكار لقيامه، والمسألة عن السبب الذي أداه إليه، فكأنه قال: لم قمت؟، وعلى هذا المعنى يجوز أن يكون قوله عز وجل: فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (١) كأنه أنكر إعراضهم فوبخهم على السبب الذي أدّاه إلى الإعراض، فأخرجه مخرج الاستفهام في اللفظ، وتأويل ما لهم تأويل ما شأنك، كأنه قال: ما تصنعون؟ ومن ذا قائما بالباب؟ أي: من ذا الذي هو قائم بالباب، هذا المعنى يريد: من مبتدأة، وذا خبره، أو يكون ذا: مبتدأ، ومن: خبر مقدم، وقائما: منصوب على الحال، والعامل فيه (ذا) بمعنى الإشارة، كأنه سأل عمّن عرف قيامه ولم يعرفه.

ولمن الدار مفتوحا بابها؟ الدار: مبتدأ، ولمن: الخبر، وفي اللام معنى الملك، كأنه قال: من يملك الدار مفتوحا بابها؟

وأما قولهم: من ذا خير منك؟ فيجوز أن تكون، من: مبتدأ، وذا: خبره، وخير منك: بدل منه، فكأنه قال: من خير منك، ويجوز أن يكون ذا بمعنى الذي، ويكون تقديره: من ذا الذي هو خير منك.

وأكثر ما يستعمل هذا على إنكار أن يكون أحد خيرا منه، كقولك: من ذا أرفع من الخليفة؟ والغرض: ما أجد أرفع منه، ولم يرد أن يشير أو يومئ إلى إنسان قد استبان لك فضله، فتسأل عنه في حال استبانة فضله لك، ولو أردت ذلك نصبته كما نصبت: من ذا قائما بعد أن عرفت قيامه، ولم تعرفه: والله أعلم بالصواب.

[هذا باب ما ينتصب على التعظيم والمدح]

(وإن شئت جعلته صفة فجرى على الأول وإن شئت قطعته وابتدأته وذلك قولك: الحمد لله الحميد، والملك لله أهل الملك. ولو ابتدأته فرفعت كان حسنا، كما قال الأخطل:


(١) سورة المدثر، الآية: ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>