" وهو ما يستغني واحد منهما عن الآخر، ولا يجد المتكلم منه بدّا قال أبو سعيد: أما قوله: " المسند والمسند إليه " ففيه أربعة أوجه أجودها وأرضاها:
أن يكون " المسند " معناه " الحديث " و " الخبر "، و " المسند إليه " المحدّث عنه، وذلك على وجهين: فاعل وفعل: كقولك: " قام زيد " و " ينطلق عمرو " واسم وخبر: كقولك:
" زيد قائم " و " إنّ عمرا منطلق "، فالفعل حديث عن الفاعل، والخبر حديث عن الاسم، فالمسند هو الفعل، وهو خبر الاسم، والمسند إليه هو الفاعل، وهو الاسم المخبر عنه.
وإنما كان المسند الحديث، والمسند إليه المحدّث عنه، كقولنا في الحديث الذي يحدّث به عن النبي صلّى الله عليه وسلّم هذا الحديث مسند إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فالحديث هو المسند، ورسول الله هو المسند إليه.
والوجه الثاني: أن يكون التقدير فيه: هذا باب المسند إلى الشّيء، والمسند ذلك الشّيء إليه، وحذف من الأول، اكتفاء بالثاني، وذلك هو الاسم والخبر، والفعل والفاعل، وكل واحد منهما محتاج إلى صاحبه، وكل واحد منهما مسند إلى صاحبه؛ لاحتياجه إلى صاحبه، إذ لا يتم إلا به؛ كقولك لمن تخاطبه: " إنّما أمري مسند إليك "، أي أنا محتاج إليك فيه وأنت قيّمه.
والوجه الثالث: أن يكون المسند هو الثاني في الترتيب على كلّ حال، والمسند إليه هو الأول، فإذا كان فعلا وفاعلا، فالمسند هو الفاعل، والمسند إليه هو الفعل، وإن كان مبتدأ وخبرا، فالمسند هو الخبر، والمسند إليه هو المبتدأ،
ويكون بمنزلة المبني والمبنىّ عليه، فالمبني هو الثاني فعلا كان أو خبرا، والمبنىّ عليه هو الأول، وإنما كان الأول هو المسند إليه، والمبنى عليه، من قبل أنّك جئت به، فجعلته أصلا لما بعده، ولم تبنه على شيء قبله، ثم جئت بما بعده، وهو محتاج إلى ما قبله، فصار فرعا عليه، فلذلك قيل: مبنيّ للثاني، إذ كان هو الفرع، وقيل الأوّل مبنيّ عليه، إذ كان هو الأصل، كما تبنى الفروع على الأساس.
الوجه الرابع: وهو أن يكون المسند هو الأوّل على كل حال، والمسند إليه الثاني على كلّ حال، فإن كان فعل وفاعل، فالفعل هو المسند والفاعل هو المسند إليه، وإن