للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ظرف للحال إذا قلت: في الدار زيد قائما فيها، ففيها في صلة قائم، وفي الدار ليست في صلته، وإذا رفعت فقلت: قائم فيها، ففيها في صلته، ولا فائدة في الثانية لنيابة الأولى عنها. فإذا كان الظرف ناقصا فالضرورة تعود إلى رفع الصفة، وحمل الكلام على التكرير والتوكيد. ومن حجة سيبويه أن هذه التثنية والتكرير قد أتى في القرآن وسائر الكلام، قال الله تعالى في الأعراف: وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ (١) وفى هود: وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ * (٢) وهم الثانية تثنية وتوكيد؛ لأنّ تقديره: وهم كافرون بالآخرة، وإذا جاز قيل: زيد راغب فيك، ودخول فيك الثانية وخروجها سواء في إعراب ما فيه، فمثله قولك: في الدار زيد قائم فيها، وأمّا قولهم إنه ما جاء في القرآن الرفع فيما كرر فيه المستقر، فليس كل كلام جار صحيح جاء في القرآن، ألا ترى أنه ما جاء في القرآن: ما زيد قائم، ولا خلاف في أنه جيّد صحيح.

[هذا باب الابتداء]

" فالمبتدأ كلّ اسم ابتدئ ليبنى عليه كلام، والمبتدأ والمبنيّ عليه رفع.

فالابتداء لا يكون إلا بمبنيّ عليه. فالمبتدأ الأول والمبنيّ عليه ما بعده فهو مسند ومسند إليه.

واعلم أنّ المبتدأ لا بّد له من أن يكون المبنيّ عليه شيئا هو هو، أو يكون في مكان أو زمان. وهذه الثلاثة يذكر كلّ

واحد منها بعد ما يبتدأ.

فأمّا الذي يبنى عليه شيء هو هو فإنّ المبنيّ عليه يرتفع به كما ارتفع هو بالابتداء، وذلك قولك: عبد الله منطلق؛ ارتفع عبد الله لأنه ذكر ليبنى عليه المنطلق، وارتفع المنطلق لأنّ المبنيّ على المبتدأ بمنزلته ".

قال أبو سعيد: قد ذكرنا الابتداء ما هو، والمبتدأ والخبر وما يرتفع به كلّ واحد منهما، وأنا أعيده هنا لأنّه أولى فأقول: إنّ الابتداء هو تعرية الاسم من العوامل اللفظية، ليخبر عنه. وهذه التعرية عاملة فيه؛ لأن العوامل في الإعراب بمنزلة العلامات الدّالة على ما يجب من الإعراب، والتعرية قد تكون علامة في بعض الأماكن، كثوبين أبيضين


(١) سورة الأعراف، الآية: ٤٥.
(٢) سورة هود، الآية: ١٩، سورة يوسف، الآية: ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>