للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو سعيد: والذي عندي أن أبا الحسن أراد أن ما يدخل على قولك: سرت حتى أدخلها بعد وجوب بالرفع، فتبقى جملة الكلام، فلذلك رآه صحيحا في القياس، وإن كانت العرب لا تتكلم به.

[هذا باب ما يكون العمل فيه من اثنين]

قال سيبويه: " وذلك قولك: سرت حتى يدخلها زيد، إذا كان دخول زيد لم يؤده سيرك، ولم يكن سببه، فيصير هذا كقولك: سرت حتى تطلع الشمس، لأن سيرك لا يجوز أن يكون سببا لطلوع الشمس، ولا يؤديه، ولكن لو قلت: سرت حتى يدخلها ثقلي، وسرت حتى يدخلها بدني، لرفعت، لأنك جعلت دخول ثقلك يؤديه سيرك، وبدنك لم يكن دخوله إلا بسيرك.

وبلغنا أن مجاهدا قرأ الآية: وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ (١)، وهي قراءة أهل الحجاز.

وتقول: سرت حتى يدخلها زيد وأدخلها، وتقول: سرت حتى أدخلها ويدخلها زيد، إذا جعلت دخول زيد من سبب سيرك، وهو الذي أدّاه، ولا تجد بدّا من أن تجعله هاهنا في تلك الحال، لأن رفع الأول لا يكون إلا وسبب دخوله سيره.

وإذا كانت هذه حال الأول، لم يكن للآخر بد من أن يتبعه، لأنه يعطفه على دخولك في (حتى)؛ وذلك أنه يجوز أن تقول: سرت حتى يدخلها زيد، إذا كان سيرك يؤدي إلى دخوله، كما تقول: سرت حتى يدخلها ثقلي، وتقول: سرت حتى أدخلها، وحتى يدخلها زيد، لأنك لو قلت: سرت حتى أدخلها وحتى تطلع الشمس، كان جيدا وصارت إعادتك (حتى) كإعادتك له في (تبّا له) و (ويل له)، ومن عمرا؟ ومن أخو زيد؟ وقد يجوز أن تقول: سرت حتى يدخلها عمرو، إذا كان أداه سيرك؛ ومثل ذلك قراءة أهل الحجاز وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ [البقرة: ٢١٤].

واعلم أنه لا يجوز: سرت حتى أدخلها، وتطلع الشمس، هذا محال، لأن طلوع الشمس لا يكون أن يؤديه سيرك، فترفع (تطلع الشمس) وقد حلت بينه وبين (حتى).

ويحسن أن تقول: سرت حتى تطلع الشمس وحتى أدخلها، كما تقول: سرت إلى يوم الجمعة وحتى أدخلها، وقال امرؤ القيس:


(١) سورة البقرة، الآية: ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>