[هذا باب ما يكون فيه أنت وأنا ونحن وهو وهي وأنتم وأنتن وهما وأنتما وصفا]
قال سيبويه:(اعلم أنّ هذه الحروف كلها تكون وصفا للمجرور المضمر والمرفوع والمنصوب المضمرين، وذلك قولك: مررت بك أنت، ورأيتني أنا، وانطلقت أنت، وليس وصفا بمنزلة الطويل إذا قلت: مررت بزيد الطويل، ولكنه بمنزلة نفسه إذا قلت: مررت به نفسه، وأتاني هو نفسه، ورأيته نفسه، وإنما تريد إذا قلت: مررت به هو مررت به نفسه، ولست تريد أن تحلّيه بصفة ولا قرابة كأخيك، ولكن النحويين صار هذا عندهم صفة؛ لأنّ حاله كحال الموصوف، كما أنّ حال الطويل وأخيك في الصفة بمنزلة الموصوف.
واعلم أنّ هذه الحروف لا تكون وصفا لمظهر، كراهية أن يصفوا المظهر بالمضمر، كما كرهوا أن يكون أجمعون ونفسه معطوفا على النكرة في قولهم: مررت برجل نفسه، ومررت أجمعين.
فإن أردت أن تجعل مضمرا بدل من مضمر قلت: رأيتك إيّاك، ورأيته إيّاه، فإن أردت أن تبدل من مرفوع قلت: فعلت أنت، وفعل هو، فأنت وهو وأخواتهما نظائر إيّاه في النصب.
واعلم أن هذا المضمر يجوز أن يكون بدلا من المظهر، وليس بمنزلته في أن يكون وصفا له؛ لأنّ الوصف تابع للاسم، وأمّا البدل فمنفرد، كأنك قلت: زيدا رأيت، أو رأيت زيدا، ثم قالوا: إياه رأيت. وكذلك أنت وأخواتها في الرفع.
واعلم أنه قبيح أن تقول: مررت به وبزيد هما، كما قبح أن تصف المضمر والمظهر بما لا يكون إلا وصفا للمظهر.
ألا ترى أنه قبيح أن تقول: مررت بزيد وبه الظريفين).
قال أبو سعيد: أصل المضمر أن يكون على صيغة واحدة في الرفع والنصب والجر، كما كانت الأسماء الظاهرة على صيغة واحدة، والإعراب في آخرها يبيّن مواقعها، وكما كانت الأسماء المبهمة المبنية على صيغة واحدة والدّلالة على إعرابها أفعالها ومواضعها، نحو: جاءني هذا، ورأيت هذا، ومررت بهذا، ولكنهم فصلوا في المضمر في بعض المواضع بين صيغة المرفوع منها والمنصوب والمخفوض في نحو: ضربت زيدا، وضربك زيد، وضربت زيدا، وضربني زيد، ومرّ بي زيد، فاسم المتكلّم والمخاطب يتغير في الرفع