ولم يكونا نعتين للأول لأنّهما غير متمكنين، ولا يخبر بهما عن الأول. لا يقال: هذا دنيّ جدّ، وإذا لم يخبر بهما فهما من النعت بهما أبعد؛ لأنه قد يخبر بما لا ينعت به؛ لأنك تقول: خاتمك فضة ولا تقول: مررت بخاتم فضة.
قال:" اعلم أن الشيء قد يوصف بالشيء الذي هو هو. وهو من اسمه، وذلك قولك: هذا زيد الطويل، ويكون هو هو وليس من اسمه كقولك: هذا زيد ذاهبا.
ويوصف بالشيء الذي ليس به ولا من اسمه، كقولك: هذا درهم وزنا، لا يكون إلّا نصبا. قال أبو العباس: أزنه وزنا ".
قال أبو سعيد: إن قال قائل: أليس قد تقدم في الباب بأن الوزن يكون اسما ومعناه: موزون، فلم لا يكون هذا درهم وزن؟ قيل له: هذا جائز إذا أراد هذا المعنى، وإنما ذكر سيبويه ما يوصف به وليس من اسمه، أي ليس بنعت جار على المنعوت، ولو رفع كان من اسمه، وأدخل فيما يوصف به الحال والمصدر، إنما ذهب في ذلك إلى ما يتعلق عليه، ويبيّن به، ولم يذهب إلى الصفة التي هي نعت، والله أعلم.
[هذا باب ما ينتصب لأنه قبيح أن يوصف بما بعده أو يبنى عليه ما قبله]
" وذلك قولك: هذا قائما رجل، وفيها قائما رجل، وهو قائما رجل، ولما لم يجز أن توصف الصفة بالاسم وقبح أن تقول: فيها قائم، فتضع الصفة موضع الاسم، كما قبح: مررت بقائم، وأتاني قائم. جعلت قائما حالا، وكان المبنيّ على الكلام الأوّل ما بعده. ولو حسن أن تقول: فيها قائم، لجاز فيها قائم رجل، لا على الصفة، ولكنّه كأنه لمّا قال فيها قائم، قيل له: من هو؟ وما هو؟ فقال: رجل أو عبد الله. وقد يجوز على ضعفه.
وحمل هذا النصب على جواز فيها رجل قائما، وصار حين أخّر وجه الكلام فرارا من القبح. قال ذو الرمّة: