للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لولا حددت وما يليه الاسم والفعل من الحروف فما بعده رفع بالابتداء؛ كقولنا: إنّما وكأنّما وهل وألف الاستفهام، وشبه ما حذف من خبر المبتدأ بعد (لولا) بأشياء من المحذوفات كقولهم:

إما لا، وأصله ما زعم الخليل أنهم أرادوا: إن كنت لا تفعل غيره فافعل كذا وكذا إما لا.

معنى هذا الكلام أن رجلا لزمته أشياء يفعلها فامتنع منها فرضي منه صاحبه ببعضها، فقال افعل هذا إما لا، أي افعل هذا إن لا تفعل جميع ما يلزمك، وزاد (ما) على (إن) وحذف الفعل وما يتصل به، وكثر ذلك في كلامهم حتى صارت مع ما قبلها كشيء واحد؛ وكذلك أمالوا الألف من (لا) وهي لا تمال في غير هذا الكلام، ومثله حينئذ الآن، إنما تريد اسمع الآن؛ أي كان الشيء الذي ذكر حينئذ واسمع الآن، وقولهم: ما أغفلت عنك شيئا؛ أي دع الشك عنك، فحذف هذا لكثرة استعمالهم.

وقال أبو سعيد: هذا الحذف ما فسره من مضى إلى أن مات المبرّد، وفسره أبو إسحاق الزجاج بعد ذلك، فقال: معناه على كلام قد تقدّم، كأن قائلا قال: زيد ليس بغافل عني، فقال المجيب: بلى ما أغفله عنك. انظر شيئا، أي تفقد أمرك، فاحتج به على أن الحذف- يريد حذف انظر- الناصب شيئا، كأنك لما قلت: ما أغفله عنك، أردت أن تبعثه على أن يعرف صحة كلامك، فقلت له: انظر شيئا فإنك تعرف ما أقوله لك، كما تقول: انظر قليلا؛ أي تفقد، وذكر من المحذوفات: هل من طعام؟ أي: هل من طعام في مكان أو زمان؟ أي هل طعام؟

وهذا وما بعده غير محتاج إلى تفسير والله أعلم.

هذا باب يكون المبتدأ فيه مضمرا ويكون المبنيّ عليه مظهرا

وذلك أنك رأيت صورة شخص فصار آية لك على معرفة الشخص، فقلت:

عبد الله وربي، كأنك قلت: ذاك عبد الله، وهذا عبد الله، أو سمعت صوتا فعرفت صاحب الصوت، فصار آية لك على معرفته، فقلت زيد وربي، أو مسست جسدا، أو شممت ريحا فقلت زيد أو المسك، أو ذقت طعاما فقلت العسل، ولو حدثت عن شمائل رجل فصار آية لك على معرفته لقلت عبد الله، وكان رجلا قال: مررت برجل راحم للمساكين بار بوالديه، فقلت: فلان والله.

<<  <  ج: ص:  >  >>