للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمتنع لامتناع الشرط، فإذا قلت لو قدم زيد لخرج عمرو، فخروج عمرو لم يقع من أجل أن قدوم زيد لم يقع، ودخلت لو على جملتين مبنيتين على فعل واحد وفاعل، وكذلك الباب فيه نحو: لو جئتني لأكرمتك، وما أشبه ذلك، وأما (لولا) فتدخل على جملتين؛ إحداهما مبتدأ وخبر، والأخرى فعل وفاعل، فتربط إحداهما بالأخرى، ويكون الذي يليها مبتدأ وخبرا، ويكون الجواب فعلا، واحتاجت إلى اللام كاحتياج (لو) إلى اللام في جوابها، والأصل زيد بالبصرة وخرج عمرو، وزيد أمير وذهب عمرو، فلا تتعلق إحدى الجملتين بالأخرى، فإذا أدخلت (لولا) علقت إحداهما بالأخرى، فصارت الأولى شرطا والأخرى جوابا، فقلت: لولا زيد لذهب عمرو ولولا زيد لخرج عمرو، وحذفت الخبر حين كثر استعمالهم وفهم المعنى، ومعنى لولا أن الثاني يمتنع بامتناع الأول، وربما جاء بعد (لولا) مكان الابتداء والخبر الفعل لاستوائهما في المعنى، ألا ترى أن قولك زيد قائم وقام زيد بمعنى واحد.

قال الشاعر وهو الجموح أخو بني ظافر بن سليم بن منصور:

قالت أمامة لما جئت زائرها ... هلا رميت ببعض الأسهم السود

لا درّ درّك إني قد رميتهم ... لولا حددت ولا عذري لمحدود (١)

أي لولا الحد والحرمان.

وقال الفراء والكوفيون: لولا ترفع ما بعدها إذا قلت لولا زيد لعاقبتك، زيد ترفعه لولا لانعقاد الفائدة به ومعه، واللام جواب لولا.

وحكى عن غيره أن لولا ترفع لنيابتها عن الفعل، لولا زيد لعاقبتك، أي لو لم يمنعني زيد من عقابك لعاقبتك. وقد رد الفراء هذا القول على قائله، واحتج عليهم بحجتين؛ إحداهما: أن أحدا لا يقع بعدها واحد يعريها بالجحود، والأخرى: أنه لا يعطف على الاسم بعدها، لا تقول: لولا أخوك ولا أبوك لعاقبتك، ففي امتناعهما من ذلك دليل على أن الجحد قد زايلها.

قال أبو سعيد: والصحيح ما قاله سيبويه، والدليل على ذلك أنه قد وقع بعد (لولا) الاسم والفعل، نحو البيت الذي أنشدناه:


(١) البيتان في ابن يعيش ١/ ٩٥، ٨/ ١٤٦، الخزانة ١/ ٧٩، المخصص ١٥/ ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>