للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" ما مثل عبد الله يقول ذاك، ولا أخيه يكره ذاك "، فخبر " عبد الله " يقول ذاك، وخبر " أخيه " يكره ذاك.

وقد حذف منه " مثل " اكتفاء بالأول، كأنه قال: ولا مثل أخيه يكره ذاك.

وهو العامل دون الأول، وقوله:

" أكل امرئ تحسبين أمرا " (١)

مشبه لهذا؛ لأن خبر " كل امرئ " هو " امرأ "، وخبر " كل نار " " نارا " الثانية.

[هذا باب ما يجرى على الموضع لا على الاسم الذي قبله]

قال سيبويه: (وذلك قولك: " ليس زيد بجبان ولا بخيلا "، و " ما زيد بأخيك ولا صاحبك "، والوجه فيه الجر. لأنك تريد أن تشرك بين الخبرين، وليس ينقض إجراؤه عليه المعنى، وأن يكون آخره على أوله أولى؛ ليكون حالهما في الباء سواء، كحالهما في غير الباء مع قربه منه).

قال أبو سعيد: معنى ذلك أنك إذا قلت: " ليس زيد بجبان ولا بخيلا "، جاز النصب في " بخيل "، والجر أيضا، غير أن الجر أجود لأن معناهما واحد ولفظ الخبر مطابق للفظ الأول، وإذا تطابق اللفظان مع تساوي المعنيين، كان أفصح من تخالف اللفظين، والعرب تختار مطابقة الألفاظ، وتحرص عليها، وتختار حمل الشيء على ما يجاوره، حتى قالوا: " جحر ضبّ خرب " فجروا " خربا "، وهو نعت " للجحر " لمجاورة " الضّب "، فكذلك إذا قلت: " ليس زيد بجبان ولا بخيل "، فأقرب الأسماء من " بخيل " هو اسم مجرور، والحمل عليه أولى من النصب على المعنى؛ إذ كان معنى النصب والجر واحدا وقال الشاعر في بيت أنشده سيبويه في جواز النصب على قوله عقيبة الأسدي:

معاوي إنّنا بشر فأسجح ... فلسنا بالجبال ولا الحديدا (٢)

فحمله على موضع الباء لو لم تكن، كأنه قال: فلسنا الجبال ولا الحديدا.

والباء زائدة. وهذا البيت أيضا يروى مع أبيات سواه على الجر. منها:


(١) المصدر السابق.
(٢) الخزانة ١/ ٣٤٣، ٢/ ١٤٣، أمالي القالي ١/ ٣٦، الدرر اللوامع ١/ ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>