وقولهم " أراقم "، و " أداهم " لا يوجب الاسمية " لأرقم "، وأدهم لأن العرب قد قالت:
أباطح وأجارع وأبارق، وقد أحاط العلم بأن هذه صفات لأنهم يقولون: أبطح للمكان المنبطح من الوادي، وبطحاء، ويقولون: أبرق للمكان الذي فيه لونان، وأجرع للمكان المستوي من الرمل المتمكن فمجيء المذكر على " أفعل " والمؤنث على " فعلاء "، قد بين أنه صفة وربما كثرت الصفة في كلامهم، واستعملت فأوقعت موقع الأسماء،
فكأنهم إذا قالوا: هذا أدهم، فإنما يقولون: هذا قيد أدهم، أو شيء أدهم، كما أنك إذا قلت: هذا أبطح، وأجرع، فكأنك قلت: مكان أبطح، ومكان أجرع ومثل ذلك قولهم: الأبغث للطير الذي في لونه كدرة يقيمون الصفة مقام الاسم، وهو اسم لضرب من الطير.
[هذا باب أفعل منك]
اعلم أنك إنما تركت صرف أفعل منك؛ لأنه صفة، فإن سميت رجلا بأفعل هذا بغير منك صرفته في النكرة.
قال أبو سعيد: جملة هذا الباب أنه لا ينصرف قبل التسمية لاجتماع علتين، وزن الفعل والصفة، وذلك قولك مررت برجل أفضل منك، وأكرم منك، وهذا أفضل منك، وأكرم منك وإن حذفت منك لم ينصرف أيضا، ويجوز حذفها تخفيفا في الخبر كقولنا:
زيد أفضل وأكرم، و " الله أكبر " وأعظم والمعنى زيد أفضل منك والله أعظم من كل شيء.
فإن سميت به رجلا، وكان معه منك ظاهرا لم ينصرف في المعرفة، والنكرة، كقولك:
مررت بأفضل منك وأفضل منك آخر، وإن سميته بغير (منك) لم ينصرف في المعرفة، وانصرف في النكرة، كرجل سميته " أفضل " و " أكرم " تقول مررت بأفضل وأفضل آخر كما تقول مررت بأحمر، وأحمر آخر.
وإنما خالف باب أحمر؛ لأن " أفضل " لا يكون نعتا إلا بمنك، فإذا حذفت " منك " في التسمية اجتمع في المعرفة وزن الفعل، والتعريف، وفي النكرة ليس فيه إلا وزن الفعل، وليس له حال ترده إليها.
كما رددنا أحمر إلى حاله التي لم يكن ينصرف فيها، إذ كان أفضل لا يكون نعتا إلا بمنك فإذا حذف من باب أفعل منك الألف انصرف وقد حذف في حرفين وهما قولك:
خير منك، ومررت بخير منك وشر منك لأنه قد زال عنه وزن الفعل.
ولو سميت رجلا ب " أجمع " و " أكتع " لم تصرفه في المعرفة وصرفته في النكرة؛ لأنه