للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن نحن نؤمنه تقديره: نحن نؤمنه، وقد أنشد غير سيبويه فيه

وإن أنت تفعل فللفاعلي ... ن أنت المجيزين تلك الغمارا (١)

ومعناه فإن تفعل أنت تفعل، وأما الفراء وأصحابه فلا يقدرون فعلا قبل الاسم المرفوع، ويجعلون الاسم المرفوع والمنصوب مستحسنا في (أن) خاصة لقوتها لأنها الاسم المرفوع الحرف الأصلي في المجازاة، فالمرفوع ما ذكرناه، والمنصوب قولك، وإن أخاك ضربت ظلمت، وقد اختلف الكسائي والفراء في جواب الجزاء إذا لم يكن بالفاء هل يجوز تقديم الاسم فيه على الفعل فأجمعا أنه لا يجوز ذلك في الاسم المرفوع، واختلفا في المنصوب، وأجازه الكسائي، ولم يجزه الفراء، وذلك قولك: إن عبد الله يقم يقم أبوه لا يجوز عندهما في الجواب أبوه يقم، فإن قلت: إن عبد الله يقم يضرب أخاه- جاز عند الكسائي أخاه يضرب، ولم يجز عند الفراء، واحتج الكسائي بقول الشاعر، وهو طفيل الغنوي:

وللخيل أيام فمن يصطبر لها ... ويعزف لها أيامها الخير تعقب (٢)

والقصيدة مخفوضة، والخير عند الكسائي منصوب بتعقب، والفراء يقول: إن الخير منصوب؛ لأنه نعت الأيام كأنه قال: أيامها الصالحة، ولم يأت لتعقب بمفعول، ولو كان تعقب مرفوعا لم يقع خلاف في جواز تقديم المنصوب بالفعل، لأن الفاء تقدر وإذا أتى بالفاء جاز التقديم، كقولك: إن يأتني زيد فأكرم أخاه، ويجوز فأخاه أكرم، ثم تحذف الفاء، كما حذف في قوله الله يشكرها. وقد أجاز سيبويه تقديم الاسم في الجواب ورفعه بإضمار، كما أجازه في الشرط، وذلك قولك: إن تأتني زيد يقل ذاك، فزيد مرفوع بفعل مضمر قبله مجزوم، وبعده تفسيره، كأنه قال: إن تأتني يقل زيد ذاك يقل، ولا يجوز أن يرتفع زيد بالابتداء، لأنه لو ارتفع بالابتداء لكانت الفاء مقدرة قبله، وإذا قدرت الفاء قبله بطل جزم الفعل الذي بعده لأنك تقول: إن تأتني فزيد يقل ذاك، وإنما يقول فزيد يقول ذاك، وقوله في آخر الباب: ومثل الأول قول هشام المري: يعني بالأول قوله: فمتى واغل.

وأينما الريح، وسائر كلامه قد أتى عليه الشرح في هذا الباب وغيره.

[وهذا باب الحروف التي لا يليها بعدها إلا الفعل]

ولا يغير الفعل عن حاله التي كان عليها قبل أن يكون قبله شيء منها. فمن


(١) البيت ورد منسوبا للكميت بن زيد في ديوانه ٣٤٦.
(٢) البيت في ديوانه ٣٥، الخزانة ٩/ ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>