للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله يشكرها (١)

ومثل الأول قول هشام المري:

فمن نحن نؤمنه يبت وهو آمن ... ومن لا نجره يمس منا مفزّعا (٢)

قال أبو سعيد: أكثر كلام سيبويه فيه واضح، وقوله:

وصار الفصل في الجزم والنصب أقبح منه في الجر لقلة ما يعمل في الأفعال من العوامل، وكثرة ما يعمل في الأسماء منها. وذلك أن الأسماء تعمل فيها الأفعال والأسماء والحروف، أما الفعل فقولك عمرو ضرب زيدا، ويضرب أخاك أبوك، وأما الأسماء فقولك:

هذا ضارب زيدا، ومكرم عمرا، وهذا غلام عمرو، ودار بكر.

وأما الحروف فإن وأخواتها، وحروف الجر كقولك: إن في الدار زيدا، ومررت بعمرو، والأفعال إنما يعمل فيها حروف معلومة قليل عددها، إذا تقدم الاسم المرفوع، وولى الجازم، فأحسن ذلك أن يكون في (إن) من بين حروف الجزاء، لأنها الحرف الأصلي في المجازاة، وقد ذكرت قوتها قبل هذا الموضع، واستشهدت عليه بما يغني عن إعادته في هذا الموضع، ويكون الفعل بعد الاسم ماضيا، وذلك قول الله- عز وجل-: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ (٣) وقوله- عز وجل-: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ (٤)، والذي عند أصحابنا البصريين أن الاسم الذي بعد (إن) يرتفع بإضمار فعل ما ظهر تفسيره كأنه قال: وإن استجارك أحد من المشركين استجارك، والفعل الذي بعد (أحد) تفسير المضمر الفعل، وموضع هذا الفعل جزم، وإن كان ماضيا يقوم في التقدير مقام الفعل الذي هو تفسيره، والدليل على ذلك أن الشاعر لما جعله مستقبلا جزمه، فمن ذلك فمتى واغل ينبهم تقديره فمتى ينبههم واغل ينبههم، وقوله:

... ... أينما الرّيح تميّلها ...

فتقديره: أينما تميلها الرّيح تميلها.


(١) جزء من بيت سبق تخريجه.
(٢) البيت في ديوانه، الخزانة ٣/ ٦٤٠؛ الكتاب ٣/ ١١٤؛ المقتضب ٢/ ٧٥.
(٣) سورة النساء، الآية: ١٧٦.
(٤) سورة التوبة، الآية: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>