ومما لا يكون الوصف فيه إلا منونا قوله: " لا ماء سماء باردا " و " لا مثله عاقلا " من قبل أن المضاف لا يجعل مع غيره بمنزلة: " خمسة عشر " وإنما يذهب التنوين منه كما يذهب منه في غير هذا الموضع، فمن ثم صار وصفه بمنزلته في غير هذا الموضع.
ألا ترى أن هذا لو لم يكن مضافا لم يكن إلا منونا. كما يكون في غير باب النفي، وذلك قولك: " لا ضاربا زيدا لك " ولا حسنا وجه الأخ فيها ". فإذا كففت التنوين وأضفت كان بمنزلته في غير هذا الباب، كما كان ذلك غير مضاف، فلما صار التنوين إنما يكف للإضافة جرى على الأصل.
فإذا قلت:" لا ماء ولا لبن " ثم وصفت اللبن فأنت بالخيار في التنوين وتركه.
فإن جعلت الصفة للماء لم يكن الوصف إلا منونا؛ لأنه لا يفصل بين الشيئين اللذين يجعلان بمنزلة اسم واحد مضمرا أو مظهرا؛ لأنهما قد صارا اسما واحدا ويحتاجان إلى الخبر مضمرا أو مظهرا.
ألا ترى أنه لو جاز: تيم تيم عدي لم يستقم لك إلا أن تقول: ذاهبون.
فإذا قلت:" لا أبا لك " فهاهنا إضمار مكان ".
قال أبو سعيد: في كلام سيبويه في هذا الباب مع ما تقدم من الشروح ما يغني عن تفسيره.
[هذا باب لا تسقط فيه النون وإن وليت «لك»]
" وذلك قولك: لا غلامين ظريفين لك، ولا مسلمين صالحين لك، من قبل أن " الظريفين " و " الصالحين " نعت للمنفي، ومن اسمه وليس واحد من الاسمين ولي (لا) ثم وليته " لك " ولكنه وصف وموصوف. فليس للموصوف سبيل إلى الإضافة فلم يجز ذلك للوصف لأنه ليس بالمنفي.
وإنما هو صفة، وإنما جاز التخفيف في النفي، فلم يجز ذلك إلا في المنفي، كما أنه يجوز في المنادى أشياء لا تجوز في وصفه من الحذف والاستخفاف، وقد بين ذلك ".
قال أبو سعيد: الذي منع من إسقاط النون وبعدها " لك " أن النون إنما تسقط من المبني الذي يلي " لا " على نية الإضافة إلى ما بعد " اللام ".
فإذا ما قلنا: لا غلامين ظريفين لك فبين (غلامين) وبين (لك)(ظريفين) وهما صفة