للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هذا باب ما يقع موقع الاسم المبتدأ ويسد مسده]

" لأنّه مستقرّ لما بعده وموضوع، والذي عمل فيما بعده حتّى رفعه هو الذي عمل فيه حين كان قبله؛ ولكن كلّ واحد منهما لا يستغنى به عن صاحبه، فلما جمعا استغناء عليهما السكوت، حتّى صارا في الاستغناء كقولك: هذا عبد الله. وذلك قولك: فيها عبد الله. ومثله: ثمّ زيد، وما هذا عمرو، وأين زيد، وكيف عمرو، وما أشبه ذلك. بمعنى أين: في أي مكان، وكيف: على أي حال. وهذا لا يكون إلّا مبدوءا به قبل الاسم؛ لأنها من حروف الاستفهام، فشبّهت بهل وألف الاستفهام؛ لأنهن يستغنين عن ألف الاستفهام، ولا يكون كذا إلّا استفهاما ".

قال أبو سعيد: جملة هذا الباب أن المبتدأ الذي خبره ظرف من مكان أو زمان، إذا تقدم الاسم الظرف فرفع الاسم على ما كان وهو متأخر، كقولك: فيها زيد؛ لأنك تقول: إنّ فيها زيدا، كما تقول: إنّ زيدا فيها. وقد تكرر هذا في مواضع. ويقوّي ذلك أنّا نقول: أين زيد؟ وكيف عمرو؟ وأين وكيف لا يكونان اسمين، وإنما هما خبران لا غير، والدليل على ذلك أنك لو قلت: أين يجبني أو كيف يسرني؟ لم يجز كجواز من يجبني وما يسرني؛ لأن من وما اسمان يخبر عنهما، وليس أين وكيف كذلك، وتقديم أين وكيف لم يجعلهما اسمين، وكذلك تقديم فيها وما أشبهه، غير أن أين وكيف يلزمهما التقديم بسبب الاستفهام. والله أعلم.

[هذا باب من الابتداء يضمر فيه ما يبنى على الابتداء]

وذلك قولك: لولا عبد الله لكان كذا وكذا. أما لكان كذا أو كذا، فحديث معلق بحديث لولا، وأما عبد الله فإنه من حديث (لولا) وارتفع بالابتداء كما يرتفع بالابتداء بعد ألف الاستفهام كقولك: أزيد أخوك؟ إنما رفعته على ما رفعت زيد أخوك، غير أن ذلك استخبار وهذا خبر، وكأن المبني عليه في الإضمار كان في مكان كذا وكذا، وكأنه قال: لولا عبد الله كان بذلك المكان، ولولا القتال كان في زمان كذا وكذا، ولكن هذا حذف حين كثر استعمالهم إيّاه في الكلام ".

قال أبو سعيد: لولا وجوابها جملتان إحداهما جواب للأخرى، والذي ربط إحداهما بالأخرى لولا، ومثلها (إن) و (لو) يدخلان على جملتين مباينة إحداهما للأخرى، كقولنا:

قدم زيد وخرج عمرو، لا يتعلق قدوم زيد بخروج عمرو، فإذا أدخلنا لو ربطت إحدى الجملتين بالأخرى، وعلقتها بها على المعنى الذي توجبه (لو) والذي توجبه (إن) الجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>