للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هذا باب نظائر ما ذكرنا من بنات الياء والواو التي الياء والواو منهن في موضع اللامات]

قال سيبويه: " قالوا: رميته رميا وهو رام، كما قالوا: ضربته ضربا وهو ضارب، ومثل ذلك مراه يمريه مريا،

وطلاه يطليه طليا، وهو مار وطال، وغزاه يغزوه غزوا وهو غاز، ومحاه يمحوه محوا وهو ماح، وقلاه يقليه قليا وهو قال، وقالوا: لقيته لقاء، كما قالوا: سفدها سفادا، وقالوا: اللّقيّ، كما قالوا: النّهوك ".

يريد أن وزن اللّقيّ فعول، وأصله لقوي، وقلبت الواو ياء لسبقها بالسكون.

وقالوا: قليته فأنا أقليه قلى، كما قالوا: شريته شرى. وقد جاء في هذا الباب المصدر على فعل، قالوا: هديته هدى، ولم يكن هذا في غير هدى، وذلك لأن الفعل لا يكون مصدرا في هديت، فصار هدى عوضا منه.

قال أبو سعيد: اعلم أن فعلا يقلّ في المصادر، وكلام سيبويه ظاهره يوجب أنه لم يأت مصدر على فعل غير هدى. وللقائل أن يقول: قد وجدنا تقى وسرى وسلى فيمن قصر، وقد تكلم النحويون فيه، فذكر عن المبرد أنه قال: وإن تقى تعل، وأن التاء زائدة وفاء الفعل محذوفة، وذلك أن العرب يقولون في موضع اتقى يتقي بفتح التاء من (تقى يتقي)، وذلك أنهم يحذفون التاء الأولى الساكنة التي هي بدل (من الواو في وقيت)، فإذا حذفوها وليت ألف الوصل التاء الثانية المتحركة فسقطت، فصار تقى، وصار في المستقبل يتقي، فإذا أمرت قلت: تق ربك يا زيد، وللمرأة: تقي ربك يا هند، وبعض الناس يظن أنه يقال: تقى يتقي بسكون التاء، ولو كان كما ظن لكان بمنزلة رمى يرمي، ولكان الأمر منه اتق يا زيد، كما تقول: ارم يا زيد، وكلام العرب على ما ذكرناه أولا، قال الشاعر:

زيادتنا نعمان لا تنسينّها ... تق الله فينا والكتاب الذي تتلو (١)

وقال آخر:

تقوه أيّها الفتّيان إنّي ... رأيت الله قد غلب الجدودا (٢)


(١) قائله خداش بن زهير، انظر: إصلاح المنطق ص: ٢٤، وسر صناعة الإعراب: ١/ ٢٠٩ - ٢١٠.
(٢) الشاهد في قوله: (تقوه) يريد (اتقّوه)، فبني الأمر على المخفف بحذف إحدى التاءين مع الألف.
في النوادر ص: ٤، " ويروى: غلب الجنودا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>