للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استغني عنه بقطع، وقال بعضهم: رجل محبوب، وكان حقه أن يقال في فعله: حببته فهو محبوب.

وقال بعضهم: حببته. قال الشاعر:

فو الله لولا تمره ما حببته ... ولا كان أدنى من عبيد ومشرق (١)

وذكر أن بعض القراء قرأ: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ (٢)، وذكر غير سيبويه أن هذه الأشياء ليست من أفعال الآدميين قد جاءت على مفعول، وفعله فيما لم يسمّ فاعله إذا نسب الفعل إلى الله عز وجل كان على أفعل، فيقال: أجنّة الله، وأسلّه وأزكه وأورده، أي فعل الله به ذلك.

[هذا باب دخول الزيادة في فعلت للمعاني]

" اعلم أنك إذا قلت فاعلته فقد كان من غيرك إليك مثل ما كان منك إليه حين قلت فاعلته، ومثل ذلك: ضاربته وفارقته، وعازّني وعازرته وخاصمته "

كذلك سائر ما يكون الفعل منه بين اثنين كقاتلته وشاتمته وما أشبه ذلك. فإذا غلب أحدهما كان فعله على فعل يفعل وإن كان المستعمل في الأصل على يفعل.

قال سيبويه: واعلم أن يفعل من هذا الباب على مثال يخرج، تقول: خاصمني فخصمته أخصمه، وتقول: غالبني فغلبته أغلبه، وشاتمني فشتمته أشتمه ".

إلا أن يكون فيه من الحروف ما يلزم فيه يفعل أو يفعل فيجري عليه، فمن ذلك ما لامه أو عينه ياء، أو فاؤه واو، فإنه يجيء على فعل يفعل؛ لأن ذلك يلزم فيه في الأصل قياسا لا ينكسر، فتقول: بايعني فبعته أبيعه، وراماني فرميته أرميه، وواعدني فوعدته أعده، وواخذني فوخذته أخذه. " وعازّني فعززته أعزّه ".

قال: " وليس في كل شيء يكون هذا، ألا ترى أنك لا تقول: نازعني فنزعته، استغني عنها بغلبته وأشباه ذلك "

ومما جاء من هذا الباب قولك: طاولته فطلته، وتقول: طال زيد عمرا إذا غالبه في الطول فغلبه، ويكون الفعل متعديا، فإن لم ترد هذا لم يتعد فعله، وكان على فعل،


(١) انظر ابن يعيش: ٧/ ١٣٨، وخزانة الأدب: ٤/ ١٢٢، والخصائص: ٢/ ٢٢٠، وشواهد المغنى:
٢/ ٧٨٠، والمرصفي في رغبة الآمل: ٤/ ٤، واللسان (حبب).
(٢) سورة آل عمران، الآية: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>