للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متى ما أملك الضّرّ أنفع (١)

تقديره: ولكن أنفع متى ما أملك الضّرّ، وفيه قبح لأنه جزم الشرط، وليس بعده جواب، وقبحه كقبح قولك: أكرمك إن تأتني، وقد ذكرناه، ولا بد لمتى هاهنا من المجازاة، وجزم (أملك) لأنها لا تنصرف إلى مذهب (من) وأخواتها، فيرفع الفعل بعدها صلة لها، وقول الله- عز وجل-: وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ * فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٢).

تقديره: مهما يكن من شيء فسلام لك من أصحاب اليمين إن كان من أصحاب اليمين، فالفاء وما بعدها جواب

(مهما)، ثم جعلت (أما) في معنى مهما والشرط، وعوّضوا من المحذوف تقديم بعض ما بعد الفاء، وسلام لك مبتدأ وخبر مغن عن إن كما يغني عنه قولك: أنا مكرمك، ويحتمل أن يكون التقدير: مهما يكن من شيء، فإن كان من أصحاب اليمين فسلام، فيكون فاء إن إحداهما لأمّا والأخرى لجواب إن، فلما جعل مكانها أمّا وحذف الشرط وقدّم (إن كان) التقت الفا أن، فأغنت إحداهما عن الأخرى، وهذا يحتمله مذهب أبي الحسن لأنه يجعله جوابا لهما، ولا يحسن جزمه، ولو قلت: وأما إن يكن من أصحاب اليمين لم يحسن لأنّا إن جزمناه وقدرناه بعد سلام لك كانت جازمة لا جواب بعدها، فتأمل ذلك إن شاء الله.

هذا باب إذا لزمت فيه الأسماء التي يجازى بها حروف الجر لم تغيّرها عن الجزاء

وذلك قولك: على أيّ دابة أحمل أركبه، وبمن تؤخذ أو خذ به، هذا قول يونس والخليل جميعا.

فحروف الجر لم تغيّرها عن الاستفهام ألا ترى أنك تقول:

بمن تمرّ، وعلى أيّها أركب، فلو غيرّتها عن الجزاء غيرتها عن الاستفهام، وقال ابن همّام:

لمّا تمكّن دنياهم أطاعهم ... في أيّ نحو يميلوا دينه يمل (٣)


(١) عجز بيت سبق تخريجه.
(٢) سورة الواقعة، الآيتان: ٩٠، ٩١.
(٣) البيت في ديوانه، الكتاب ٣/ ٨٠؛ ولسان العرب ٣/ ٤١٤ (مكن).

<<  <  ج: ص:  >  >>