للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: " واعلم أن التقديم والتأخير والعناية والاهتمام هاهنا مثله في باب كان، ومثل ذلك قولك: إنّ أسدا في الطريق رابضا، وإنّ بالطريق أسد رابض، وإن شئت جعلت بالطريق مستقرا ثم وصفته بالرابض، فهذا يجري هاهنا مجرى ما ذكرت لك من النكرة في باب كان ".

قال أبو سعيد وهذا كله مفهوم.

[هذا باب ما يكون محمولا على إن]

فيشاركه فيه الاسم الذي وليها، ويكون محمولا على الابتداء، فأما ما حمل على الابتداء فقولك: إن زيدا ظريف وعمرو، وإن زيدا منطلق وسعيد، فعمرو وسعيد يرتفعان على وجهين؛ فأحد الوجهين حسن والآخر ضعيف، فأما الوجه الحسن فأن يكون محمولا على الابتداء؛ لأن معنى إن زيدا منطلق معنى زيد منطلق، وإن دخلت توكيدا، كأنه قال زيد منطلق وعمرو في الدار. وفي القرآن مثله: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ (١) وأما الوجه الآخر الضعيف فأن يكون محمولا على الاسم المضمر في المنطلق والظريف، فإن أردت ذلك فأحسنه أن تقول: منطلق هو وعمرو، وإن زيدا ظريف هو وعمرو، وإن شئت جعلت الكلام على الأول، فقلت إن زيدا منطلق، وعمرا ظريف، فجعلته على قوله عز وجل: وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ (٢) وقد رفعه قوم على قولك لو ضربت عبد الله وزيد قائم؛ أي لو ضربت عبد الله وزيد في هذه الحال كأنه قال عز وجل: ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر بعد أمده ما نفدت كلمات الله.

وإنما أحوج سيبويه إلى أن يفسر رفع البحر بالحال؛ لأن حمل رفع البحر على موضع (أنّ) لا يحسن؛ لأنّ (لو) لا يليها الابتداء، وقال رؤبة:

إنّ الربيع الجود والخريفا ... يدا أبي العباس والصيوفا (٣)

قال أبو سعيد: فأما حمل المعطوف على الابتداء فهو كلام جيد قويّ، وذلك أنّا لو


(١) سورة التوبة، من الآية: ٣.
(٢) سورة لقمان، من الآية: ٢٧.
(٣) ديوانه ١٧٩، والمقتضب ٤/ ١١١، والتصريح ١/ ٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>