للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قول أبي دؤاد

سالكات سبيل قفرة بدا ... ربّما ظاعن بها ومقيم (١)

ف (ما) في ربّما نكرة؛ لأن ربّ لا تدخل على المعارف، ولا هي كافة؛ لأنّ الوجه في الكافّة أن يليها الفعل، فإذا كانت نكرة جاز أن تنعت بالجمل، وتقدير (ما) هاهنا تقدير إنسان، كما قد جاءت (ما) في موضع (من) في أماكن. منه ما حكى أبو زيد:

سبحان ما سخركنّ لنا. وسبحان ما سبّح الرعد بحمده. وأشباه لذلك. وتقديره:

ربّ إنسان هو ظاعن بقلبه- إلى أحبّته الذين ظعنوا عن هذه البلدة- بها مقيم بجسمه فيها، وأما قول أبي دؤاد

أيضا:

ربما الجامل المؤيد فيهم ... وعناجيح بينهن المهار (٢)

[هذا باب ما لا يكون الاسم فيه إلا نكرة]

" وذلك قولك: هذا أوّل فارس مقبل، وهذا كلّ متاع عندي موضوع، وهذا خير منك مقبل، ومما يدلك على أنهنّ نكرة أنهن مضافات إلى نكرة وتوصف بهن النكرة، وذلك أنك تقول فيما كان وصفا: هذا رجل منك، وهذا فارس أوّل فارس، وهذا مال كلّ مال عندك.

وتستدل على أنهن مضافات إلى نكرة أنك تصف ما بعدهن بما توصف به النكرة ولا تصفه بما توصف به المعرفة، وذلك قولك: هذا أوّل فارس شجاع مقبل.

وحدثنا الخليل أنه سمع من يوثق بعربيته ينشد هذا البيت، وهو قول الشماخ:

وكلّ خليل غير هاضم نفسه ... لوصل خليل صارم أو معارز (٣)

فجعله صفة لكل.

وحدثني أبو الخطاب أنه سمع من يوثق بعربيته من العرب ينشد هذا البيت:

كأنّا يوم قرّى إن ... نما نقتل إيّانا


(١) بدون نسبة في خزانة الأدب ٩/ ٥٨٧.
(٢) البيت لأبي دؤاد، ديوانه ٣١٦، ابن يعيش ٨/ ٢٩.
(٣) ديوان الشماخ ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>