للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خبر المبتدأ عليه نحو قائم زيد، وتميمي أنا، ومشنوء من يشنؤك. فإذا لم يريدوا هذا المعنى وأرادوا أن يجعلوه فعلا كقولك: يقوم زيد، وقام زيد قبح؛ لأنه اسم. وإنما حسن عندهم أن يجري مجرى الفعل إذا كان صفة جرى على موصوف أو جرى على اسم قد عمل فيه؛ كما أنه لا يكون مفعولا في ضارب حتى يكون محمولا على غيره فتقول: هذا ضارب زيدا وأنا ضارب زيدا. ولا يكون: ضارب زيدا على قولك: ضربت زيدا، وضربت عمرا. فكما لم يجز هذا كذلك استقبحوا أن يجري مجرى الفعل المبتدأ، وليكون بين الاسم والفعل فصل وإن كان موافقا له في مواضع كثيرة؛ فقد يوافق الشيء ثم يخالفه؛ لأنه ليس مثله. وقد كتبت ذلك فيما مضى، وستراه فيما يستقبل، إن شاء الله تعالى ".

قال أبو سعيد: إذا نقلت الفعل إلى اسم الفاعل ورفعت الفاعل به ولم يكن قبله ما يعتمد عليه، قبح؛ وذلك أنه يلزمك أن تقول مكان قام زيد وقام الزيدان. قائم زيد، وقائم الزيدان، وقائم الزيدون، والذى قبّحه فساد اللفظ لا فساد المعنى، وذلك أنك إذا قلت: قائم الزيدان، وقائم الزيدون، رفعت قائم بالابتداء، والزيدان فاعل من تمام قائم، فيكون مبتدأ بغير خبر. ولو جاز هذا لجاز أن تردّ: يضرب زيدا إلى ضارب زيدا، وزيد في صلته، ولا يكون له خبر. والذى يجيزه زعم أن الفاعل يسد مسد الخبر، وقائل هذا يحتاج إلى برهان على ما ادعاه، وإنما يرتفع الفاعل باسم الفاعل، وينتصب به المفعول، إذا كان معتمدا على شيء يكون خبرا له أو صفة أو حالا أو صلة، كقولك: كان زيد قائما أبوه، ومررت برجل ضارب أبوه زيدا، وهذا زيد ضاربا أبوه أخاك، ومررت بالضارب أخاك.

وقد نسب أبو العباس محمد بن يزيد سيبويه إلى الغلط في قسمته خبر المبتدأ في هذا الباب إلى شيء هو هو، أو يكون في مكان أو زمان، ولم يأت بالجمل التى تكون أخبارا كنحو: زيد ضربته، وزيد أبوه قائم، وزيد إن تأته يأتك.

قال أبو سعيد: أحسب سيبويه جعل ما فيه ذكره ممّا يتبين في التثنية والجمع من حيز ما هو هو، واقتصر على ذلك لأنه مفهوم لا يشكل. والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

<<  <  ج: ص:  >  >>