للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمير.

ومثله في التوكيد والتثنية: لقيت عمرا عمرا

فإن أردت أن تلغي فيها قلت: زيد قائم فيها، كأنه قال: زيد قائم فيها فيها، فيصير بمنزلة قولك: فيك زيد راغب فيك.

وتقول في النكرة: في دارك رجل قائم فيها، فيجري قائم على الصفة. وإن شئت قلت: فيها رجل قائما فيها، على الجواز، كما يجوز: فيها رجل قائما. وإن شئت قلت:

أخوك في الدار ساكن فيها، فتجعل فيها صفة للساكن. ولو كانت التثنية تنصب لنصبت في قولك: عليك زيد حريص عليك، ونحو هذا مما لا يستغنى به. وإن قلت:

قد جاء وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها (١) فهو مثل إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ (٢) وفى آية أخرى فاكِهِينَ

".

قال أبو سعيد: جعل سيبويه تثنية الظروف وهى تكريرها بمنزلة ما لم يقع فيه تكرير في حكم اللفظ، وجعل التكرير توكيدا للأول لا يغير شيئا من حكمه فيما يكون خبرا وما لا يكون خبرا، أمّا ما يكون خبرا فقولك: في الدار

زيد قائما فيها، إن شئت رفعت قائم، وإن شئت نصبت، كما كان ذلك قبل التكرير والتثنية، فأمّا ما لا يكون خبرا فقولك: عليك زيد حريص عليك، لا يجوز إلّا الرفع في حريص كما كان ذلك قبل التكرير؛ لأن عليك ليس بخبر ولا يستغني به الكلام. وقال الكوفيون: ما كان من الظروف يكون خبرا ويسمونه: الظرف التام، فإنك إذا كررته وجب النصب في الصفة، وإن لم تكرره فأنت مخير إن شئت نصبت، وإن شئت رفعت، واحتجوا في المكرر بقوله عز وجل: وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها وقوله عز وجل: فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها (٣) وذكروا أنّه لم يجئ شيء مما فيه تكرير من نحو هذا مرفوعا، وما ليس فيه تكرير قد جاء بالرفع والنصب. ومما يحتجّ به لهم، أن الظرف التام إذا نصبنا الصفة فالأول من الظرفين خبر الاسم، وهو الذي ترفعه والثاني


(١) سورة هود، الآية: ١٠٨.
(٢) سورة الذاريات، الآية: ١٥، ١٦.
(٣) سورة الحشر، الآية: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>