للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وقد جاء شيء منه كثير) على فعالى قالوا " يتامى " شبهوه ب (وجاعى) و (حباطى) لأنها مصائب قد ابتلوا بها فشبهت بالأوجاع) (حين جاءت على فعلى) وقد عرفتك أن " فعالى " يجيء في التقدير جمعا لفعلان وتكون الألف والنون بمنزلة ألفي التأنيث (كأنهم) قالوا: (يتمان) و (يتامى) كما نقول (ندمان) و (ندامى) و (وجعان) و (وجاعى) و (حبطان) و (حباطى) وإنما قال:

(يتامى) شبهوه ب (وجاعى) وجعل (وجاعى) هو لأن واحده: (وجع) وواحد (حباطى): (حبط) وفعل يكون في معنى " فعلان " وليس يكون في (يتيم) (يتم).

قال سيبويه: (وقالوا: " طلحت النّاقة " و (ناقة طليح) شبهوها ب " حسير " لأنها قريبة من معناها وليس ذا بالقياس لأنها ليست " طلحت " فإنما هي ك " مريضة " و (سقيمة) ولكن المعنى أنه فعل ذا بها كما قالوا: (زمنى) والحمل على هذه الأشياء ليس بالأصل ولو كان أصلا لقبح " هالكون " و " زمنون " ونحو ذلك).

يعني أن قولهم (طلحت الناقة) - معناه أعييت- يوجب أن يقال " طليحة "، لأن الفعل لها كما تقول: (مرضت) فهي (مريضة)، و (سقمت) فهي (سقيمة) ولكنه لما كان الإعياء شيئا يصيب الإنسان من غير شهوة ولا اختيار شبه بالفعل الذي لم يسم فاعله فأشبه (جرحت) فهي (جريح) ونحو ذلك. وقوله: ولو كان أصلا لقبح (هالكون) و (زمنون) يعني لو كانت هذه الأشياء التي وضعت على " فعلى " وواحدها غير فعيل الذي بمعنى مفعول (أصلا) لقبح أن يقال (هالكون) و (زمنون) وذلك فعيل الذي بمعنى مفعول نحو (قتيل) و (جريح) يستوي فيه الذكر والأنثى ولا تدخله الهاء للمؤنث وما كان هذا سبيله فليس الباب أن يجمع جمع السلامة وقد مضى هذا وقولهم (هالك) و (هلكى) و (زمن) و (زمنى) و (مريض) و (مرضى) قد حمل على (جريح) و (قتيل) لأنه شيء أصابه وهو كاره فكان الواحد (هليك)، و (زمين) في معنى (مهلوك) كما يقال (قتيل) و (جريح) في معنى (مقتول) و (مجروح) وهذا ليس يقاس لفظه لأن لفظة (هالك) للمذكر و (هالكة) للمؤنث، و (زمن) للمذكر و (زمنة) للمؤنث و (مريض) للمذكر و (مريضة) للمؤنث. وما كان هذا سبيله فجمع السلامة مستحسن فيه، وإنما يقال (مرضى) و (هلكى) حملا على المعنى الذي ذكرته لك.

فقال سيبويه: حمل هذه الأشياء على المعنى ليس (بالأصل ولو كان) بالأصل لقبح جمع السلامة كما يقبح في (قتيل) و (جريح) فاعرف ذلك إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>