للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنشد سيبويه لأوس:

تواهق رجلاها يداها ورأسه ... لها قتب خلف الحقيبة رادف (١)

وكان وجه الكلام: تواهق رجلاها يديها.

فحمله على المعنى لأنه إذا واهقت الرجلان اليدين، فقد واهقت اليدان الرجلين على مثل ما مر البيت الأول، وأنشد:

ليبك يزيد ضارع لخصومة ... ومختبط ممّا تطيح الطوائح (٢)

رفع يزيد بما لم يسمّ فاعله، ثم جاء بالفاعل وهو ضارع، فرفعه؛ لأن الفعل الذي لم يسم فاعله يدل على أنّ له فاعلا، قال: ليبكه ضارع.

ومن الناس من يروي: ليبك يزيد ضارع، فيجعل يزيد منصوبا، وضارع فاعل يبك على ما سمي فاعله، وذكر بعض أصحابنا أن الرواية هي الأولى وأن هذا تغيير النحويين.

وقال: ومثل ليبك يزيد قراءة بعضهم وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ (٣).

قال سيبويه: (رفع شركاؤهم على ما رفع عليه ضارع، كأنه قال: زينه شركاؤهم، وهي الشياطين الدعاة لهم إلى ذلك، وأنشد:

وجدنا الصّالحين لهم جزاء ... وجنّات وعينا سلسبيلا (٤)

لأن الوجدان مشتمل في المعنى على الجزاء.

فحمل الآخر على المعنى، ولو نصب الجزاء كما نصب السباع لجاز).

وإذا رفع الجزاء فهو مرفوع بالابتداء، ولهم: خبره، والجملة في موضع الحال من وجدنا.


(١) البيت لأوس بن حجر:
الديوان: ٧٣، وروايته: تواهق رجلاها يديه؛ الخصائص ٢: ٤٢٧ (بلا نسبة)؛ شرح أبيات سيبويه ١: ١٨٢.
(٢) سبق تخريجه، وهو منسوب ل (نهشل بن حري بن حمزة النهشلي).
(٣) سورة الأنعام، الآية: ١٣٧.
(٤) ينسب إلى: عبد العزيز بن زرارة الكلابي:
المقتضب ٣: ٢٨٤؛ شواهد القرطبي ٣: ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>