للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهل في معدّ فوق ذلك مرفدا (١)

كأنه قال: لا أحد كزيد " رجلا " وحمل " الرجل " على " زيد " كما حمل " المرفد " على " ذلك ".

وإن شئت نصبته على ما نصبت عليه " لا مال له قليلا ولا كثيرا ".

ونظير: " لا كزيد " في حذفهم الاسم قولهم: " لا عليك " وإنما يريدون " لا بأس عليك " " ولا شيء عليك " ولكنه حذف لكثرة استعمالهم إياه.

قال أبو سعيد: قد ذكرنا أن " لا " وما عملت فيه بمنزلة اسم واحد مرفوع بالابتداء والحجة فيه.

ومن الحجة فيه أيضا ما لا يقصر عما ذكرناه بل يزيد عليه: أن " لا " وإن نصبت بها وبنيت المنصوب معها، فإنا إذا فصلنا بينها وبين اسمها لظرف أو حرف جر بطل عملها وارتفع اسمها بالابتداء مع صحة الجحد بها. وبقاء معنى المنصوب كقوله تعالى: لا فِيها غَوْلٌ (٢).

فلما كان ارتفاع الاسم بعد " لا " بالابتداء لا يغير معنى المنصوب فيها صارت بمنزلة " إن " التي ابتداء الاسم في موضعها لا يغير معناه منصوبا بل هو في " لا " أقوى؛ لأنه يجوز أن يظهر الاسم بعدها مبتدأ.

فمن ذلك جاز- في نعت ما يعد " لا " وفي بيانه مما يجري مجرى النعت. وفي العطف عليه وفي الخبر عنه- الرفع حملا على موضع " لا " مع الاسم والنصب على الاسم الذي بعد " لا ".

ومن أجل ذلك شبهه بقولهم:

... فلسنا بالجبال ولا الحديدا (٣)

أجراه على موضع الباء؛ لأنه في موضع خبر " ليس " ولو أجراه على ما بعد الباء لقال: ولا الحديد.

وأما النعت فقوله العرب: لا مال له قليل ولا كثير .. على الموضع ولا مال له قليلا ولا كثيرا .. على ما بعد " لا ".


(١) عجز بيت سبق تخريجه.
(٢) سورة الصافات، الآية: ٤٧.
(٣) عجز بيت سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>