للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا قوة إلا بالله " وإن شئت حملته على " لا " فنونته ونصبته، وإن شئت قلت: " لا مثله رجلا " على قوله " لي مثله غلاما " وقال ذو الرمة:

هي الدّار إذ ميّ لأهلك جيرة ... ليالي لا أمثالهنّ لياليا (١)

وقال الخليل- رحمه الله-: يدلك على أن " رجل " في موضع اسم مبتدأ مرفوع قولك: لا رجل أفضل منك، كأنك قلت: زيد أفضل منك، ومثل ذلك: يحسبك قول السوء، كأنك قلت: حسبك قول السوء.

وقال الخليل رحمه الله: " كأنك قلت: رجل أفضل منك " حين مثّله.

وأما قول جرير:

لا كالعشية زائرا ومزورا (٢)

فلا يكون إلا نصبا من قبل أن العشية ليست بالزائر وإنما أراد: لا أرى كالعشية زائرا، كما تقول ما رأيت كاليوم رجلا. ف " كاليوم " كقولك: في اليوم؛ لأن الكاف ليست باسم.

وفيه معنى التعجب كما قال: " تالله رجلا. وسبحان الله رجلا " إنما أراد: تالله ما رأيت رجلا. ولكنه يترك إظهار الفعل استغناء؛ لأن المخاطب يعلم أن هذا الموضع إنما يضمر فيه هذا الفعل لكثرة استعمالهم إياه.

وتقول: لا كالعشية عشية ولا كزيد رجل؛ لأن الآخر هو الأول ولأن " زيدا " رجل. فصار " لا كزيد " كأنك قلت: " لا أحد كزيد " ثم قلت: " رجل " كما تقول: لا مال له قليل ولا كثير على الموضع.

قال امرؤ القيس:

ويلمنها في هواء الجوّ طالبة ... ولا كهذا الذي في الأرض مطلوب (٣)

كأنه قال: ولا شيء له كهذا الذي.

ورفع على ما ذكرت لك.

فإن شئت نصبت على نصبه:


(١) البيت في ديوانه ٦٥٠، وابن يعيش ٢/ ١٠٣، والمقتضب ٤/ ٣٦٤.
(٢) عجز بيت صدره: يا صاحبي دنا الرواح فسيرا. انظر: ديوانه ١٣٤، وابن يعيش: ٢/ ١١٤.
(٣) البيت في ديوانه ٢٢٧، والخزانة ٤/ ٩١، وابن يعيش ٢/ ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>