للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: ولو قبح دخولها هاهنا لقبح في الاسم؛ يعني لو قبح دخول " لا " في قولك:

لا أكرمك ولا أسرك لقبح في قولك: ولا كرامة ولا مسرة؛ لأن هذا الاسم يعمل فيه الفعل كما قبح: لا ضربا. إذا أردت: لا اضرب يعني: دخول " لا " على فعل الأمر لا يجوز؛ لأن صيغة الأمر تجري مجرى الإيجاب. وصيغة النهي تجري مجرى الجحد.

ألا ترى أنا لو أدخلنا لام الأمر لم يجز أن تدخل معها " لا " التي للنهي ولا " لا " التي للجحد في الخبر. لا تقول: لا ليقم زيد؛ لأنك تصير آمرا ناهيا بحرف النفي، ودخول حرف الأمر كما لا تكون جاحدا الشيء معترفا به، و " لا " التي للخبر لا يصلح دخولها على الأمر فتكون آمرا مخبرا وهذا لا يجوز.

وإنما تدخل " لا " التي في الخبر على فعل هو خبر؛ لأن الجحد والإيجاب هما خبران كقولك: أكرمك ولا أكرمك وأسرك ولا أسرك.

وقولهم: لا سواء إنما يتكلم به المتكلم عند ادعاء مدع لاثنين جرى ذكرهما أن أحدهما مثل الآخر؛ أي هما سواء

فيقول المنكر لمن قال: لا سواء أي هما لا سواء. أو هذان لا سواء، فهذان مبتدأ " وسواء " خبره، ودخلت " لا " لمعنى الجحد واستجازوا حذف المبتدإ لأنهم جعلوا " لا " كافية من المبتدإ لكثرة الكلام عند رد بعضهم على بعض ادعاء التساوي في الشيئين.

وشبهه بجعل " ها " عوضا عن واو القسم في: (لا ها الله ذا) وعوض " ها " من الواو أوكد؛ لأن المبتدأ المحذوف يجوز أن يؤتى به فيقال: هذان لا سواء، ولا يجوز أن يؤتى بالواو مع " ها " لأنهم قد غيروا لفظ الكلام في الأصل وترتيبه؛ لأن أصله لا والله هذا ما أقسم به، ثم قدموا " ها " وفصلوا بين حرفي التنبيه والإشارة: " ها " و " ذا " ولو لم تدخل " لا " لم تقل: سواء وأنت تعني: هما سواء.

وقولهم: لا نولك أن تفعل كذا هذا هو من التناول للشيء، وهم يريدون به الاختيار، فإذا قالوا: قولك أن تفعل كذا وكذا فمعناه: ينبغي لك أن تفعل كذا، والاختيار لك أن تفعل.

" ولا نولك أن تفعل " معناه: لا ينبغي لك أن تفعل، وقد يوقع " قولك " على جميع فعله.

ألا ترى أن الأخذ قد يستعمل في جميع الأفعال حتى يقال: فلان لا يأخذ ولا يترك إلا بأمر فلان.

ويستعمل في موضع ضد الترك ولهذا صار: نولك بمعنى فعلك؛ لأن التناول بمعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>